وفي خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه تمتع رعايا الدولة من غير المسلمين بمنتهى التسامح والرفق، وحصلوا على امتيازاتهم بسهولة ويسر. فقد كانوا يعملون في مختلف الوظائف الحكومية، ذلك أن معاوية رضي الله عنه أبقى على النظم البيزنطية والقبطية التي كان معمولاً بها في الشام ومصر والمغرب. كما أبقى على النظم الفارسية في العراق وخراسان. وكان ترك معاوية رضي الله عنه هذه النظم على حالتها بسبب نقص من كانوا يعرفون لغات ونظم إدارة البلاد المفتوحة من المسلمين في أوائل العهد الأموي، وعلاوة على ذلك فقد كان طبيب معاوية رضي الله عنه الخاص، ويدعى ابن أُثال (?)، غير مسلم، وكذلك سريج (سرجون) بن منصور الرومي مستشاره المالي (?)، وابن مينا (?)، وابن النضير (?)، مولاه من عماله على الصوافي، كانوا أيضاً من سلالة غير المسلمين وأسلم بعضهم فيما بعد. وفضلاً عن ذلك ترك معاوية

لرعايا الدولة من غير المسلمين أيضاً حرية تامة هي ممارسة طقوسهم الدينية: فاستجاب لطلب نصارى دمشق بعدم زيادة كنيسة يوحنا في مسجد دمشق (?). كما: رممّ لهم كنيسة الرَّها (أُديسَّا) والتي كانت قد تهدمت من جراء الزلازل (?).

كما بنيت أول كنيسة بالفسطاط في حارة الروم في ولاية مسلمة بن مخلد الأنصاري على مصر ما بين عامي47 هـ، 68 هـ (?). كما استعان معاوية رضي الله عنه بمهندسين وفنّيين من غير المسلمين في بناء قصر الخضراء بدمشق الذي اتخذه معاوية مقراً لإقامته في فترة إمارته على بلاد الشام ثم في فترة خلافته بعد ذلك ويروي البلاذري أنهم بنوه لمعاوية رضي الله عنه من الحجارة بعد أن كان قبل مبنياً باللِّبن والطين (?). وكما كانت سياسة التسامح مع الرعايا غير المسلمين هي الطابع المميز لفترة خلافة معاوية رضي الله عنه كذلك نرى سياسة التعاطف والإهتمام المتزايد وحسن المعاملة تجاه الموالي من المميزات الأخرى في عصر معاوية. فنجد معاوية رضي الله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015