ابن عساكر: يُسلَّم له بيت المال فيقضي منه ديونه ومواعيده التي عليه، ويتحمل منه هو ومن معه عيال أهل أبيه وولده وأهل بيته (?)،

وذهب بعض المؤرخين إلى أن إبقاءه ما في بيت المال معه (خمسة ملايين درهم)، استبقاه لأولئك المحاربين الذين كانوا معه، يوزِّعه بينهم، ويبقى لمعيشته له ولأهل بيته ولأصحابه (?). ولا شك أن توزيع الأموال على بعض الجنود يساعد في تخفيف شدة التوتر.

إن الذي جاء في رواية البخاري هو الذي أميل إليه فالأمر لا يكون تجاوز طلب العفو عن الأموال التي أصابها الحسن وآله في الأيام الخالية. وأما الروايات التي تشير بأن يجري معاوية للحسن كل عام مليون درهم وأن يحمل إلى أخيه الحسين مليوني درهم في كل عام ويفضل بني هاشم في العطاء والصلات على بني عبد شمس (?)، وكأن الحسن باع الخلافة لمعاوية، فهذه الروايات وما قيل حولها من تحليل وتفسير لا تقبل ولا يعتمد عليها، لأنها تصور إحساس الحسن بمصالح الأمة يبدو ضعيفاً أمام مصالحه الخاصة (?). وأما حقه في العطاء فليس الحسن فيه بواحد من دون المسلمين، ولا يمنع أن يكون حظه منه أكثر من غيره، ولكنه لا يصل إلى عشرة معشار ما ذكرته الروايات (?).

جـ ـ التفرقة في العطاء:

أول من سن ديوان العطاء في الإسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه أما قبل ذلك في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكانت غنائم الحرب توزع على المسلمين فور إنتهاء المعارك (?)، وقد أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤلفة قلوبهم من غنائم حنين، وكان شيئاً كثيراً (?)، فتقرر بذلك أن تفضيل بعض الناس في توزيع الغنائم أمر مباح وقد يكون مستحباً إذا اقتضت مصلحة المسلمين ذلك (?)، وإن كان ذلك يزيد في غنائمهم عن بقية المسلمين، ثم كثرت بعد

ذلك الغنائم المجلوبة إلى حاضرة المسلمين نتيجة اتساع نطاق الغزو زمن عمر بن الخطاب فاستشار أصحابه وانتهى أمره إلى تدوين ديوان العطاء ليكفل توزيعه على نحو معروف، وفضل أصحاب السابقة والقرابة من النبي صلى الله عليه وسلم على من عداهم (?)، .. ولما جاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015