أنك قتلتهم فقال لها: ... وأما حجر وأصحابه فإني تخوفت أمراً، وخشيت فتنة تكون، تهراق فيها الدماء، تستحل فيها المحارم، وأنت تخافيني، دعيني والله يفعل ما يشاء قالت: تركتك والله، تركتك والله، تركتك والله (?)، وجاء في رواية أخرى: لما قدم معاوية دخل على عائشة، فقالت: أقتلت حجراً؟ قال: يا أم المؤمنين، إني وجدت قتل رجلٍ في صلاح الناس، خير من استحيائه في فسادهم (?).
جاء في رواية: .. أن عائشة أرسلت عبد الرحمن بن الحارث بن هشام إلى معاوية في حجر وأصحابه فقدم عليه وقد قتلهم، فقال له عبد الرحمن: أين غاب عنك حلم أبي سفيان؟ قال: غاب حين غاب عني مثلك من حلماء (?) قومي، قال الذهبي: يعني أنه ندم (?). ومع أن قتل حجر رضي الله عنه وأن ذكر له من الأعذار والمبررات ما ذكر، ففي الحقيقة كانت غلطة من معاوية، وكان ينبغي أن يتسع حلمه لصحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ وقد ندم معاوية ندماً كبيراً على قتل حجر، وظل يذكر هذه الحادثة طوال حياته (?)، وقد روى أنه قال عند موته: يوم لي من ابن الأدبر طويل: ثلاث مرات ـ يعني حجراً (?).
لم يقبل معاوية رضي الله عنه شفاعة مالك بن هبيرة السكوني في حجر بن عدي، فجمع مالك قومه وسار ليخلصه وأصحابه، فلقي القتلة وسألهم، فقالوا: مات القوم. وسار إلى عَدِيّ فتيقن قتلهم فأرسل في أثر القتلة فلم يدركهم، وأخبروا معاوية فقال: تلك حرارة يجدها في نفسه وكأني بها قد طفئت. ثم أرسل إليه بمائة ألف وقال: خفت أن يعيد القوم حرباً فيكون على المسلمين أعظم من قتل حجر فطابت نفسه (?)، وكان مالك بن هبيرة السكوني صحابي جليل وكان معاوية رضي الله عنه ولاّه حمص وكان يقول فيه: ما أصبح عندي من العرب أوثق في نفسي نصحا بجماعة المسلمين وعامتهم