المسيء عن الإساءة، ولكن بدون تجسس عليهم، فإن ذلك يعتبر فضيحة لهم، وقد ينقطع بذلك خيط العلاقة الذي يربط المسئول بأفراد رعيته، من المودة والإعجاب والشكر على الجميل، وهذا الخيط ما دام قائماً فإنه يمنع أصحاب الجنوح من إرتكاب المخالفات التي تفسد المجتمع وتحدث الفوضى، فإذا انقطع ولم يكن هناك عاصم من تقوى الله تعالى فإن أهم الحواجز التي تحول دون الإنطلاق وراء الشهوات تكون قد تحطمت، ويصعب بعد ذلك علاج الأمور لأنها تحتاج إلى قوة رادعة وهذه لها سلبياتها المعروفة.
_ ... أن يحرص المسئول على مجالسة أهل الصدق والوفاء والعقول الراجحة وإن سمع منهم ما يكره أحياناً من النقد والتوجيه، فإن ذلك يعود عليه وعلى من استرعاه الله أمرهم بالنفع،
وأن لا يجالس أصحاب اللهو والأهداف الدنيوية فإن هؤلاء وإن أنس بكلامهم وثنائهم فإنهم يحولون بينه وبين التفكير في الأمور الجادة، فلا يستفيق بعد ذلك إلا والنكبات قد حلت به وبمن ولي أمورهم.
_ ... أن يصدق القائد في لقاء الأعداء وأن لا يجبن، فإن جُبنه يسري على جنده فيقع بذلك الفشل والهزيمة، وفي غير الحرب أن يكون المسئول شجاعاً في مواجهة المواقف، وأن لا يضعف فيسري ضعفه على من هم تحت إدارته من العاملين، فيقل بذلك مستوى الأداء ويضعف الإنتاج.
_ ... أن يتجنب القائد الغلول، وهو الأخذ من الغنيمة قبل قسمتها هذا في مجال الحرب، وفي مجالات السلم أن يتجنب المسئول أية استفادة دنيوية من علمه لا تحل له شرعاً، مثل أخذ الهدايا التي يقصد لها دفعها الاستفادة من المسئول في مجانبة الحق، فإن ذلك من الغلول، والغلول كما جاء في هذه الوصية يقرب إلى الفقر، ويدفع النصر.
_ ... ومن هذه الفوائد تبين لنا عظمة الوصية التي أوصى بها أبو بكر رضي الله عنه أحد قواده، وهي تبين لنا أنه كان يعيش بفكره مع قضايا المسلمين وأنه كان يتصور ما قد يواجهه قواده فيحاول تزويدهم بما ينفعهم في تلافي الوقوع في المشكلات، وحلها إذا وقعت، وهذه الوصية وأمثالها تسجِّل إضافة جديدة لمواقف