الكريم عاملاً على امتصاص الحقد من قلب أبي سفيان، وبرهن له بأنَّ المكانة التي كانت له عند قريش لن تنتقص شيئاً في الإسلام، إن هو أخلص له، وبذل في سبيله (?)، وهذا منهج نبوي كريم، على العلماء والدّعاة إلى الله أن يستوعبوه، ويعملوا به في تعاملهم مع الناس (?) وقد حسن إسلام أبي سفيان وشاهد المواقع وقدم خدمات جليلة للإسلام، فقد كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حنين، وشارك في حصار الطائف وفقد إحدى عينيه فيها، وفي اليرموك فقد الثانية (?)، وبعد ثقيف أرسله رسول الله مع المغيرة بن شعبة لهدم اللات (?)

ـ صنم ثقيف، وقد كانت اللات معظمة عند قريش كذلك، وكانوا يحلفون بها، وهذا دليل على تغلغل الإيمان في قلب أبي سفيان رضي الله عنه، لقد أسلم أبو سفيان إذن بعد أن ظل حبه للرياسة وممارسته لها حائلاً بينه وبين الإسلام وقد راعى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه العوامل النفسية المؤثرة على نفس أبي سفيان ونفوس علية القوم من قريش بعد الفتح، فقد جعل من دخل دار أبي سفيان آمناً، كما أعطاه من غنائم حنين مع غيره ممن سموا آنذاك بالمؤلفة قلوبهم (?).

ولم ينس أبو سفيان ما فعله ضد الإسلام أيام الجاهلية، وحرص على مضاعفة جهده في خدمة الإسلام، وقال عنه إبن كثير: من سادات قريش في الجاهلية، وتفرَّد فيهم بالسؤدد بعد يوم بدر، ثم لما أسلم حسن بعد ذلك إسلامه، وكانت له مواقف شريفة، وآثار محمودة في اليرموك وما قبله وما بعده (?).

وروي عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: فقدت الأصوات يوم اليرموك إلا صوت رجل واحد يقول: يا نصر الله اقترب، والمسلمون يقتتلون هم والروم، فذهبت أنظر فإذا هو أبو سفيان تحت راية إبنه يزيد (?)، وروي أنه كان يوم اليرموك يقف على الكراديس: فيقول الناس: الله الله إنكم ذادة العرب وأنصار الإسلام، وإنهم ذادة الروم وأنصار الشرك، اللهمَّ هذا يوم من أيامك، اللهمَّ أنزل نصرك على عبادك (?)، وقيل مات سنة إحدى أو إثنتين أو ثلاث أو أربع وثلاثين (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015