الإسلام لم تكن لتعلم وتدون لولا وقوع هذه الحرب، ولله في كل أمر حكمة (?)، قال أبن العديم: قلت: وهذا كله حكم أهل البغي، ولهذا قال أبو حنيفة: لولا ما سار علي فيهم، ما علم أحد كيف السيرة في المسلمين (?).
تضاربت أقوال العلماء في عدد القتلى فذٍكر ابن أبي خيثمة أن القتلى في صفين بلغ عددهم سبعين ألفاً، من أهل العراق خمسة وعشرين ألفاً، ومن أهل الشام خمسة وأربعين ألف مقاتل (?)، كما ذكر أبن القيم أن عدد القتلى في صفين بلغ سبعين ألفاً أو أكثر (?)، ولا شك أن هذه الأرقام غير دقيقه، بل أرقام خيالية، فالقتال الحقيقي والصدام الجماعي استمر ثلاثة أيام مع وقف القتال بالليل إلا مساء الجمعة فيكون مجموع القتال حوالي ثلاثين ساعة (?)، ومهما كان القتال عنيفاً، فلن يفوق شدة القادسية التي كان عدد الشهداء فيها ثمانية الآلف وخمسمائة (?)، وبالتالي يصعب عقلاً أن نقبل تلك الروايات التي ذكرت الأرقام الكبيرة،
كان أمير المؤمنين علي رضي الله عنه بعد نهاية الجولات الحربية يقوم بتفقد القتلى، فيقول شاهد عيان: رأيت عليا على بغلة النبي صلى الله عيه وسلم الشهباء، يطوف بين القتلى (?)، وأثناء تفقده القتلى ومعه الأشتر، مر برجل مقتول ـ وهو أحد القضاء والعباد المشهورين بالشام ـ فقال الأشتر ـ وفي رواية أخرى عدي بن حاتم ـ: يا أمير المؤمنين أحابس (?) معهم؟ عهدي والله به مؤمن فقال علي، فهو اليوم مؤمن. ولعل هذا الرجل المقتول هو القاضي الذي أتى عمر بن الخطاب وقال: ياأمير المؤمنين، رأيت رؤيا أفضعتني، قال: ما هي؟ قال: رأيت الشمس والقمر يقتتلان والنجوم معهما نصفين قال: فمع أيهما كنت؟ قال؟ مع القمر على الشمس، فقال