الِانْصِرَاف قَالَ عَمْرو بن معدي كرب وَلَئِن انْصَرف أَبُو مَالك بِغَيْر حباء إِنَّهَا لوصمة عَليّ فَأمر بِنَاقَة لَهُ أرحبية كَأَنَّهَا جبيرَة لجين فارتحلها وَحمله عَلَيْهَا ثمَّ قَالَ يَا غُلَام هَات المزود فجَاء بمزود فِيهِ أَرْبَعَة آلف دِرْهَم فوضعها بَين يَدَيْهِ فَقَالَ أما المَال فوَاللَّه لَا قبلته قَالَ فوَاللَّه إِنَّه لمن حباء عمر بن الْخطاب رَضِي الله عَنهُ فَلم يقبله عُيَيْنَة وَانْصَرف وَهُوَ يَقُول
(جُزيتَ أَبَا ثورٍ جزَاء كرَامةٍ ... فنعمَ الْفَتى المُزْدَارُ والمتضيِّف)
(قَريتَ فأكرَمتَ القِرَى وأفدتنَا ... خَبيةَ عِلمٍ لم تكنْ قطُّ تُعرَفُ)
(وقلتَ حلالٌ أَن نُدِيرَ مدامةً ... كلونِ انعقاق البْرق والليلُ مسدفُ)
(وقدَّمتَ فِيهَا حجَّة عَرَبِيَّة ... ترد إِلَى الإنصَاف من لَيْسَ ينصفُ)
(وأنتَ لنا وَالله ذِي العرشِ قدوةٌ ... إِذا صدَّنا عَن شربهَا المتكلفُ)
(نقولُ أَبُو ثورٍ أحَلَّ حرامها ... وَقَول أبي ثَوْر أسَدُّ وأعرَفُ) // الطَّوِيل //
وغزا عَمْرو بن معدي كرب هُوَ وَأبي الْمرَادِي فَأَصَابُوا غَنَائِم فَادّعى أبي أَنه قد كَانَ مسانداً فَأبى عَمْرو أَن يُعْطِيهِ شَيْئا وَبلغ عمرا أَنه يتوعده فَقَالَ عَمْرو فِي ذَلِك قصيدة أَولهَا
(أعاذِل شكتي بدني ورُمحي ... وكل مقلِّص سَلسِ القيادِ)
(أعاذل إِنَّمَا أفنى شَبَابِي ... وأقرحَ عَاتِقي ثقلُ النِّجادِ)