فتعاونوني عَلَيْهِ حَتَّى أخصيه فَلَنْ يقطعهُ عَن ذَلِك غير الخصاء فَيكون أصح لجسمه وأطول لعمره فعجبوا مِمَّا أَتَى بِهِ وَعَلمُوا أَنه أَرَادَ أَن يبْعَث بِأَبِيهِ ويخجله حَتَّى يشيع ذَلِك عَنهُ ويرتفع لَهُ بِهِ ذكر فضحكوا مِنْهُ ثمَّ قَالُوا لأبي دلامة قد سَمِعت فأجب قَالَ قد سمعتهم أَنْتُم وعرفتم أَنه لم يَأْتِ بِخَير قَالُوا فَمَا عنْدك فِي هَذَا قَالَ قد جعلت أمه حكما بيني وَبَينه فَقومُوا بِنَا إِلَيْهَا فَقَامُوا بأجمعهم ودخلوا إِلَيْهَا وقص أَبُو دلامة الْقِصَّة عَلَيْهَا وَقَالَ قد حكمتك فَأَقْبَلت على الْجَمَاعَة فَقَالَت إِن ابْني هَذَا أبقاه الله فد نصح أَبَاهُ وبره وَلم يأل جهداً وَمَا أَنا إِلَى بَقَاء أَبِيه بأحوج مني إِلَى بَقَائِهِ وَهَذَا أَمر لم تقع بِهِ تجربة وَلَا جرت بِمثلِهِ عَادَة وَلَا أَشك فِي مَعْرفَته بذلك فليبدأ بِنَفسِهِ أَولا فليخصها فَإِذا عوفي ورأينا ذَلِك قد أثر عَلَيْهِ أثرا مَحْمُودًا اسْتَعْملهُ أَيْضا فَجعل أَبوهُ يضْحك مِنْهُ وخجل ابْنه دلامة وَانْصَرف الْقَوْم يَضْحَكُونَ ويعجبون من خبثهمْ جَمِيعًا واتفاقهم فِي ذَلِك الْمَذْهَب

وَكَانَ عِنْد الْمهْدي رجل من بني مَرْوَان قد جَاءَهُ مُسلما فَأتى الْمهْدي بعلج فَأمر المرواني أَن يضْرب عُنُقه فَأخذ السَّيْف وَقَامَ فَضَربهُ فنبا عَنهُ فَرمى بِهِ المرواني وَقَالَ لَو كَانَ من سُيُوفنَا مَا نبا فَسَمعَهَا الْمهْدي فَغَاظَهُ حَتَّى تغير وَجهه وَبَان فِيهِ فَقَامَ يَقْطِين فَأخذ السَّيْف وحسر عَن ذِرَاعَيْهِ ثمَّ ضرب العلج فَرمى بِرَأْسِهِ ثمَّ قَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ إِن هَذِه السيوف سيوف الطَّاعَة وَلَا تعْمل إِلَّا فِي أَيدي الْأَوْلِيَاء وَلَا تعْمل فِي أَيدي أهل الْمعْصِيَة ثمَّ قَامَ أَبُو دلامة فَقَالَ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ قد حضرني بيتان أفأقول قَالَ قل فأنشده

(أبهَذَا الإمامُ سيْفُك َماضٍ ... وَبِكَفِّ الوَليِّ غيْرُ كهَام)

(فإِذا مَا نبَا بِكَفٍّ عَلمْنَا ... أَنه كَفُّ مبغض للْإِمَام) // خَفِيف //

فَقَامَ الْمهْدي من مَجْلِسه وسرى عَنهُ وَأمر حجابه بقتل المرواني فَقتل وَقَالَ ابْن النطاح دخل أَبُو دلامة على الْمهْدي فأنشده قصيدته فِي بغلته

طور بواسطة نورين ميديا © 2015