فَأقبل القَاضِي على الْمَرْأَة وَقَالَ أتبيعينني الأتان قَالَت نعم قَالَ بكم قَالَت بِمِائَة دِرْهَم قَالَ ادفعوها إِلَيْهَا فَفَعَلُوا وَأَقْبل على الرجل فَقَالَ قد وهبتها لَك وَقَالَ لأبي دلامة قد أمضيت شهادتك وَلم أبحث عَنْك وابتعت مِمَّن شهِدت لَهُ ووهبت ملكي لمن رَأَيْت أرضيت قَالَ نعم وَانْصَرف
وَدخل أَبُو عَطاء السندي يَوْمًا إِلَى أبي دلامة فاحتبسه ودعا بِطَعَام وشراب فأكلا وشربا وَخرجت إِلَى أبي دلامة صبية لَهُ فحملها على كتفه فبالت عَلَيْهِ فنبذها عَن كتفه ثمَّ قَالَ
(بَللْتِ عليّ لأحُيِّيتِ ثَوبِي ... فَبالَ علَيْكِ شيطانٌ رَجيمُ)
(فمَا وَلَدَتك مَرْيمُ أمُّ عيسىَ ... وَلَا ربَّاكَ لُقْمَان الْحَكِيم) // الوافر //
ثمَّ الْتفت إِلَى أبي عَطاء فَقَالَ لَهُ أجزيا أَبَا عَطاء فَقَالَ
(صَدقتَ أَبَا دُلامةَ لَمْ تَلدْها ... مُطهَّرَةٌ وَلَا فحلٌ كَريمُ)
(ولكِنْ قَدْ حَوَتهَا أمُّ سوءٍ ... إِلَى لَبَّاتها وأبٌ لئيمُ) // الوافر //
فَقَالَ لَهُ أَبُو دلامة عَلَيْك لعنة الله مَا حملك على أَن بلغت بِي هَذَا كُله وَالله لَا أنازعك بَيت شعر أبدا فَقَالَ لَهُ أَبُو عَطاء يكون الَّذِي من جهتك أحب إِلَيّ ثمَّ غَدا أَبُو دلامة إِلَى الْمَنْصُور فَأخْبرهُ بِقصَّة ابْنَته وأنشده الأبيات ثمَّ انْدفع فأنشده بعْدهَا
(لَو كَانَ يقْعد فوْقَ الشمسِ مِنْ كَرَم ... قَوْمٌ لَقيلَ اقْعُدُوا يَا آلَ عَبَّاسِ)
(ثمْ ارْتَقْوا فِي شُعاع الشّمسُ كلكُمُ ... إِلَى السماءِ فأنتُمْ أكرَمُ النّاسِ)
(وقَدّمُوا القائمِ المَنْصُورَ رأسَكُمُ ... فالعيْنُ والأنْف والأذنان فِي الراس) // الْبَسِيط //
فاستحسنها وَقَالَ بِأَيّ شَيْء تحب أَن أعينك على قبح ابْنَتك هَذِه