وَأَبُو دلامة اسْمه زند بن الجون وَأكْثر النَّاس يصحف اسْمه وَيَقُول زيد بِالْيَاءِ التَّحْتِيَّة وَهُوَ خطأ وَإِنَّمَا هُوَ بالنُّون وَهُوَ كُوفِي أسود مولى لبني أَسد وَكَانَ أَبُو دلامة عبدا لرجل مِنْهُم يُقَال لَهُ قضاقض فَأعْتقهُ وَأدْركَ آخر أَيَّام بني أُميَّة وَلم يكن لَهُ فِيهَا نباهة ونبغ فِي أَيَّام بني الْعَبَّاس فَانْقَطع إِلَى السفاح والمنصور وَالْمهْدِي وَكَانُوا يقدمونه ويفضلونه ويستطيبون مُجَالَسَته ونوادره وَلم يصل لأحد من الشُّعَرَاء مَا وصل لأبي دلامة من الْمَنْصُور خَاصَّة وَكَانَ أَبُو دلامة فَاسد الدّين رَدِيء الْمَذْهَب مرتكباً للمحارم مجاهراً بذلك وَكَانَ يعلم هَذَا مِنْهُ وَيعرف بِهِ فيتجافى عَنهُ للطف مَحَله وَكَانَ أول مَا حفظ من شعره وأسنيت لَهُ الْجَائِزَة بِهِ قصيدة مدح بهَا أَبَا جَعْفَر الْمَنْصُور وَذكر قَتله أَبَا مُسلم وفيهَا يَقُول

(أَبَا مُسلم خوّفتني القتلَ فانْتَحَى ... عليكَ بِمَا خوفتني الأسدُ الوَرد)

(أَبَا مُسلم مَا غير اللهُ نعْمَة ... على عَبده حَتَّى يغيرها العبدُ) // الطَّوِيل //

وأنشدها الْمَنْصُور فِي محفل من النَّاس فَقَالَ لَهُ احتكم فَقَالَ لَهُ عشرَة آلَاف دِرْهَم فَأمر لَهُ بهَا فَلَمَّا خلا بِهِ قَالَ لَهُ أما وَالله لَو تعديتها لقتلتك

وَكَانَ الْمَنْصُور قد أَمر أَصْحَابه بِلبْس السوَاد وقلانس طوال تدعم بعيدان من داخلها وَأَن يلْقوا السيوف فِي المناطق ويكتبوا على ظُهُورهَا {فَسَيَكْفِيكَهُم الله وَهُوَ السَّمِيع الْعَلِيم} فَدخل عَلَيْهِ أَبُو دلامة فِي هَذَا الزي فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَر مَا حالك قَالَ شَرّ حَال وَجْهي فِي وسطي وسيفي فِي استي وَقد صبغت بِالسَّوَادِ ثِيَابِي ونبذت كتاب الله وَرَاء ظَهْري فَضَحِك مِنْهُ وأعفاه وحذره من ذَلِك وَقَالَ لَهُ إياك أَن يسمع مِنْك هَذَا أحد وَفِي ذَلِك يَقُول أَبُو دلامة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015