قد فاق النَّاس بِحَيْثُ لم يبْق بَينه وَبينهمْ مشابهة بِوَجْه بل صَار أصلا بِرَأْسِهِ وجنساً بمفرده وَهَذَا فِي الظَّاهِر كالممتنع لاستبعاد أَن تتناهى بعض آحَاد النَّوْع فِي الْفَضَائِل الْخَاصَّة بذلك النَّوْع إِلَى أَن يصير كَأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا فاحتج لهَذِهِ الدَّعْوَى وَبَين إمكانها بِأَن شبه حَاله بِحَال الْمسك الَّذِي هُوَ من الدِّمَاء ثمَّ إِنَّه لَا يعد مِنْهَا لما فِيهِ من الْأَوْصَاف الشَّرِيفَة الَّتِي لَا تُوجد فِي الدَّم وَيُسمى مثل هَذَا تَشْبِيها ضمنياً أَو مكنياً عَنهُ لدلَالَة الْبَيْت عَلَيْهِ ضمنا
وَقد أحسن السراج الْوراق تَضْمِينه بقوله
(وأصْيَدَ ظلَّ يدركُ يومَ صَيْدِ ... طَرائدَهُ بجُردٍ كالسِّعَالي)
(فَإِن عَبَقَتْ لنا يمناهُ مسكا ... فَإِن الْمسك بعض دم الغزال) // الوافر //
والشهاب ابْن بنت الْأَعَز بقوله
(وَقَالُوا بالعِذَارِ تَسَلَّ عَنهُ ... وَمَا أَنا عَن غزالِ الحْسنِ سَالي)
(وإنْ أبْدَتْ لنا خَدَّاهُ مسكاً ... فَإِن الْمسك بعض دم الغزال) // الوافر //
وَيُشبه قَول أبي الطّيب المتنبي هُنَا فِي سيف الدولة قَوْله فِي عضد الدولة
(وَلَوْلَا كَونكم فِي الناسِ كَانُوا ... هُرَاءَ كَالْكَلَامِ بِلَا معانِ) // الوافر //
وَمثله قَول يحيى بن بَقِي
(هَل يَسْتَوي النَّاس قَالُوا كلُّنا بَشَرٌ ... فالمنْدَلُ الرطبُ والطرفاءُ أَعْوَاد) // الْبَسِيط //
وللغزي فِي مثله
(فلاَ غروَ إِن كنتَ بَعضَ الورَى ... فإِنَّ اليَلَنْجُوجَ بعضُ الْحَطب) // المتقارب //