وقوله تعالى: (سَائِحَاتٍ).
جاء في التفسير عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن السائحين هم الصائمونَ، وهو مما في الكتب الأولى.
وقال أهل اللغة: إنما قيل للصائم سائح لأن الذي يسيح متعَبِّدٌ
ولا زاد مَعَه، فحين يجد الزاد يطعَمُ، والصائم كذلك يَمْضِي النهار ولا يَطعَمُ
شيئاً فلشبهه به سُمِّيَ سَائِحاً.
* * *
وقوله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ (6)
(قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا).
معناه خذوا أنفسكم وأهليكم بما يَقَرِّبُ من اللَّه - جلَّ وعزَّ - وجنبوا
أنفسكم وَأَهْليكم المعاصي.
ومعنى (قُوا أَنْفُسَكُمْ) أي: وقُّوا أَنْفُسَكُمْ (?)
وجاء في التفسير: رَحم الله رَجُلاً قال: يا أهلاه صَلَاتَكُمْ صيامكم مِسْكينكم يتيمكم جيرانكم.
معناه ألزموا واحفظوا صلاتكم وهذه الأشياء المذكورة، ادُّوا فرض اللَّه
فيها.
وفي الحديث لعل اللَّه يجمعهم معه في الجنَّة.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (وَقُودُهَا النَّاسُ والحِجَارَةُ).
جاء في التفسير أنها حجارة الكبريت.
والوَقُود بفتح الواو ما تُوقَدُ به النَّارُ من حَطبٍ وغَيْرِهِ، يقال وقدت النار وُقُوداً - بضم الواو -.
* * *
وقوله عزَّ وجلَّ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (8)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً)
بفتح النون، وتقرأ (نُصُوحاً) - بضم النُون -
فمن فتح فعلى صفة التوبة.
ومعناه توبة بالغة في النصح، وفَعُول من أسماء الفاعلين
التي تستعمل للمبالغة في الوصف، تقول رجل صبورٌ وَشَكُورٌ، وتوبة نَصُوحٌ.
وَمَنْ قَرأ (نُصُوحاً) - بضَم النُّونِ - فمعناه يَنصَحُونَ بهذا نُصُوحاً.
يقال: نصحت له نُصْحاً ونصاحَةً ونصوحاً.