وضوء النارِ أَبْيَنُ منه في كل شيءٍ، وضوؤه يزيدُ في الزُّجَاجِ.
ثم وصف الزجاجة فقال:
(كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ).
و (دُرِّيٌّ)، منسوب إلى أنه كالدُّرِ، في صَفَائِه وحُسْنِهِ، وَقُرِئَتْ دِرِّيٌّ وَدَرِّيٌّ
- بالكسر والفتح - وقَد رُوِيتْ بالهَمْزِ.
والنحويون أجمعون لا يعرفون الوجه فيه، لأنه ليس في كلام العَرَبِ شيء عَلَى فِعِّيل، ولكن الكسر جَيِّدٌ بِالهَمْز - يكون على وَزْنِ فِعِّيل، ويكون من النجوم الدَّرَارِي التي تَدَرُ.
أي يَنْحط وَيسِيرُ مُتَدافِعاً، ويجوز أن يكونَ دِرِّيٌّ بغير همزٍ مُخَفَفاً مِنْ
هذا.
قال أبو إسحاق: ولا يجوز أن يضم الدال وَيُهْمَزُ، لأنه ليس في الكلام
فُعِّيلٌ، ومثال " دُرِّيٌّ " فُعْلِيٌّ مَنْسُوبٌ إلى الدُّرِّ، وَمَنْ كَسَرَ الدالَ قَالَ دِرِّيٌّ - فكان له، أَنْ يهْمِزَ ولا يَهْمِزَ، فمن هَمَزَ أَخَذه من درأ يدرأ الكَوْكَبُ إذَا تَدافع مُنْقَضًّا، فتضاعف ضَوْءُه، يقال: تدارأ الرجُلَانِ إذَا تَدَافَعَا، ويكون وزنه على فِعِّيل.
ومن كسرها فإنما أَصْلُه الهَمْزُ فَخُفِفَ، وبقيتْ كسرة الدال عَلَى
أَصْلِهَا.
ووزنه أيضاً فعِّيل كما كان وهو مهموز (?).
* * *
وقوله: (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ).
ويقرأ (تُوقَدُ) بالتاء، فمن قرأ بالياء عنى به المصباح، وهو مذكر.
ومن قرأ بالتاء عَنَى بِهِ الزُجَاجَةَ.
ويجوز " في زَجَاحَةٍ " بفتح الزاي وفيها وجهان آخران قُرِئ بِهِمَا - تَوَقَّدَ - بفتح الدالِ وضمها وتشديد القافِ فيهما جميعاً.
فمن قرأ تَوَقَّدُ، فالمعنى تَتَوَقدُ الزجاجةُ، ومن قرأ تَوَقَّدَ فتحه لأنه فِعْلٌ مَاضٍ.
ويكون المعنى: المصباحِ في زُجَاجَةِ تَوَقَّدَ المِصْبَاحُ (?).
وقوله: (مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ).