وقوله: (قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ (108)
معنى (اخْسَئُوا) تباعَدوا تَبَاعدَ سُخْطٍ.
يقال خَسَأتُ الكلْبُ أَخْسُؤهُ إذا زجَرْته ليتباعَدَ.
* * *
وقوله: (فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ (110)
الأجود إدْغام الدال في التاء لِقُرْب المَخْرَجَيْن، وإن شئت أظهرت.
لأن الدال من كلمة والتاءَ مِنْ كلمة، والدال بينها وبين التاء في المخرجِ شيء
مِنَ التَبَاعِد، وليست الذال من التاء بمنزلة الدال من التاء.
والتاءُ والطَاءُ مِنْ مَكَانٍ وَاحِدٍ، وهي من أصُولِ الثنايَا العُلَا وطرف اللسَانِ. والذال من أطراف الثنايا العُلَا وَدُوينَ طَرَفِ اللسَانِ.
وقوله: (سِخْرِيًّا). يقرأ بِالضم والكَسْر، وكلاهما جَيِّد، إلا أنهمْ قالوا إن
بعض أهل اللغة قال: ما كان من الاستهزاء فهو بالكسر، وَمَا كان من جهة
التسخير فهو بالضم، وكلاهما عند سيبويه والخليل وَاحِد، والكسر لإتباع
الكسر أحسن (?).
وقوله: (إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ (111)
الكسر أجود لأن الكسر على معنى إني جَزَيْتهمْ بِمَا صَبروا، ثم أَخْبَر
فقال: إنهم همُ الفَائِزُونَ: والفتح جيِّدٌ بالغ، على معنى: (إني جَزَيتُهم لأنهم
هم الفائزون، وفيه وجه آخر: يكون المعنى جزيتهم الفوز، لأن معنى
(أنَّهُم هم الفَائِزُونَ). فوزُهُمْ، فيكون المعنى جزيتهم فَوزَهُمْ.
* * *
وقوله: (قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ (112)