وحجة من قال بهذا القول أنه جرى ذكر الكافرين، فقال: (ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ) ثم قال بعد: (وإنْ مِنْكُمْ إلا وَارِدُها)

فكأنَّه على نظم ذلك الكلام عام.

ودليل من قال بهذا القول أيضاً قوله (ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ)

ولم يقل وندخل الظالمين، وكان (نَذَرُ) و (نترك) للشيء الذي قد

حصل في مكانه.

وقال قوم إن هَذَا إنما يُعْنَى به المشرِكُونَ خاصةً، واحتجوا في هذا بأن

بعضهم قرأ: " وإن منهم إلا وَارِدُهَا "، ويكون على مذهب هؤلاء

(ثم ننجي الذين اتقَوْا) أي نخرج المتقين من جملة من ندخله النار.

وقال قوم: إن الخلق يَردونها فتكون على المْؤمِنِ بَرْداً وَسَلاماً، ثم

يُخْرَجُ مِنها فيدْخُلُ الجنة فيعلمَ فضلَ النعمةِ لما يُشاهِدُ فيه أهلَ العذاب وما

رأى فيه أهل النار.

وقال ابن مسعود والحسَنُ وقَتَادَةُ: إن ورودها ليس دخولها، وحجتهم في

ذلك جيدة جدا من جهات: إحداهن أن العرب تقول: وردت ماء كذا ولَمْ

تدخله، وقال اللَّه عزَّ وجلَّ: (وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ) وتقول إذا بلغت البلد ولم تدخله: قد وردت بلد كذا وكذا.

قال أبو إسحاق: والحجة القاطعة في هذا القول ما قال اللَّه عزَّ وجلَّ:

(إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ (101) لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا). . فهذا - واللَّه أعلم - دليل أن أهل الحسنى لا يدخلون النار (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015