ثم قال: وَمِنَ الْجِبالِ جُدَدٌ بِيضٌ فالوجه هاهنا الرفع لأن الجبال لا تتبع النبات ولا الثمار. ولو نصبتها عَلَى إضمار: جعلنا لكم (من الجبال جددًا بيضًا) كما قَالَ الله تبارك وتعالى: خَتَمَ «1» اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ أضمرَ لَهَا جَعَلَ إِذَا نصبت كما قَالَ: وَخَتَمَ «2» عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً والرفع فِي غشاوة الوجه. وقوله: وَمِنَ «3» النَّاسِ وَالدَّوَابِّ وَالْأَنْعامِ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ ولم يقل:
ألوانهم، ولا ألوانها. وَذَلِكَ لِمكان (مِنْ) والعرب تُضمر من فتكتفي بِمن مِن مَنْ، فيقولون: مِنا مَنْ يقول ذَلِكَ ومِنّا لا يقوله. ولو جمع عَلَى التأويل كَانَ صوابًا مثل قول ذي الرّمة:
فظلُّوا ومنهم دمعه سابق له ... وآخر يثنى دمعة العين بالمهل «4»
وقوله: وَزادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَصْطَةً كَانَ أطولهم مائة ذراع وأقصرهم ستين ذراعًا.
وقوله: وَأَنَا لَكُمْ ناصِحٌ أَمِينٌ (68) يقول: قد كنت فيكم أمينًا قبل أن أُبعث. ويُقال: أمين عَلَى الرسالة.
وقوله: فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ (78) والرجفة هي الزلزلة. والصاعقة هي النار. يُقال: أحرقتهم.
وقوله: فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ يقول: رمادا جاثما.