فإذاً ليست مكة غريبة على جرير بل وعلى كل شاعر عربي غير أننا لا نستطيع الجزم بأن تناضب جرير هي تناضب مكة، فالتنضب كثير في بلاد العرب. (وفي قصة إسلام عمر رضي الله عنه: إنه اتَّعد هو وعَيّاش بن أبي ربيعة وهشام بن العاصي السَّهْمي اتَّعدُوا التناضب. ونص المتقدمون على أنها في أضاة بني غفار قرب سرف.
قلت: أضَاة بني غفار: إذا خرجت من سَرِف شمالاً خرجت فيها، بينها وبين قبر أمّ المؤمنين ميمونة بنت الحارث مقبرة صغيرة.
وسميت التناضب لأنها تنبت شجر التنضب، ولا زال كلما قطع عاد من جديد، وحاول أحدهم حفر بئر فيها فظهر ماؤها مالحاً.
والتناضب: جمع قلة للتنضبة. والتنضبة شجرة برية معروفة.
التَّنْعِيم: وادٍ ينحدر شمالاً بين جبال بشم شرقاً وجبل الشَّهيد جنوباً فيصب في وادي ياج، وهو ميقات لمن أراد العمرة من المكيين، وتسمى عمرته: عمرة التنعيم، أي مكان الاعتمار، وذلك تمييزاً لها عن عمرة الجعرانة، وكان يسمى نعمان، قال محمد بن عبد الله النميري:
فلم تر عيني مثل سرب رأيته ... خرجن من التنعيم معتمرات
مررن بفخ ثم رحن عشية ... يلبين للرحمن مؤتجرات
فأصبح ما بين الأراك وحذوه ... إلى الجزع جزع النخل والعمرات
له أرَجٌ بالعنبر الغض فاغم ... تطلَّع رياه من الكفرات