الذي كان له أكبر الأثر فى نشأة الحضارة المصرية وتطورها؛ فمن المعروف أن اتجاه التيار فى النهر "من الجنوب إلى الشمال" واتجاه الرياح السائدة "الرياح التجارية الشمالية الشرقية" "من الشمال إلى الجنوب" وعدم وجود العوائق على طول النهر من البحر المتوسط إلى أسوان مما يجعل الملاحة ميسورة في كل أوقات السنة وفي الاتجاهات المختلفة؛ وعلى ذلك كان من الطبيعي أن تنشط الملاحة فتمكنت الجماعات المنتشرة على طول الوادي من الاتصال بعضها بالبعض بسهولة ويسر وتبادلت مظاهر ثقافاتها وحضاراتها المختلفة -وكان للنيل كذلك أكبر الفضل في توحيد تلك الجماعات إذ أن خطر الفيضان المشترك والرغبة فى التحكم فى مياه النهر للحصول على منافع مشتركة حتمت إيجاد مجتمع موحد متعاون فى ذلك الجزء من العالم.
ولا شك فى أن وادى النيل كان فى أول الأمر مسرحا لتنافس تلك الجماعات الصغيرة المتفرقة التى كانت تعيش على جانبيه والتى كانت تكون أقاليم مستقلة يغير أقواها على ما جاوره من أقاليم أضعف ويبسط سلطانه عليها حتى انقسم وادى النيل فى جزئه الأدنى إل قسمين كبيرين: مملكة الوجه القبلى وممكلة الوجه البحرى- ومملكة الوجه القبلى كانت تضم أصلا أثنين وعشرين إقليما من تلك الأقاليم الصغيرة أما مملكة الوجه البحرى فكانت تضم عشرين إقليما وقد ظل هذا التقسيم يراعى فى معظم العصور الفرعونية، كذلك ظل انقسام البلاد إلى مملكتين عالقا فى الأذهان حتى نهاية تلك العصور ويتمثل ذلك فى الألقاب الملكية وفى الكثير من الإدارات الحكومية فكان الملك يلقب الملكية وفى كثير من الإدارات الحكومية فكان الملك يلقب بملك الوجهين القبلى والبحرى وأطلق على بيت المال مثلا إسم "بيتى الذهب والفضة" والمقصود هو بيت