ولم يقتصر تأثر العبرانيين بالكنعانيين على المظاهر الدينية فحسب؛ بل تأثروا كذلك بالكثير من المظاهر الحضارية الأخرى؛ ففي العمارة نجد أن أقدم أثر ديني لهم هو هيكل سليمان قد خطط على نمط معبد كنعاني وزخرف بزخارف كنعانية ولم يشيده معماريون من العبرانيين أنفسهم بل من الصوريين، وكان القصر الملكي في أورشليم من عمل صناع فينيقيين أيضًا وزخرف بزخارف تمثل رموز الحماية المأخوذة فكرتها مما وجد لدى الأشوريين والسوريين القدماء؛ فهي تمثل حيوانات لها رءوس بشرية تحرس شجرة الحياة.
وقد تعددت آلات الموسيقى التي استخدموها في طقوسهم الدينية وفي حياتهم العادية ومعظمها من آلات كانت مستعملة في سوريا قبل وصولهم إليها، كما يرجح أن التوازي والمطابقة في الشعر العبري كان معروفًا عند الكنعانيين أيضًا؛ ونظرًا لما عرف عنهم من حرص بصفة عامة؛ فإنهم برعوا في قطع الأحجار الكريمة، ومع هذا فإن من المرجح أنهم اتبعوا في حليهم؛ بل وفي ثيابهم وخزفهم النماذج والأساليب الكنعانية، ومن صفاتهم المأثورة حبهم للإفادة وجمع الثروة ولذا عملوا على رقي الزراعة والصناعات المتعلقة بها؛ بغية ازدياد التبادل التجاري بينهم وبين جيرانهم.
ويعد الدين المظهر الوحيد الذي أسهموا به في مضمار الحضارة، ومع هذا يمكن أن يدرس العهد القديم على أنه مؤلف أدبي ويمكن مقارنة الشريعة الموسوية بقانون حمورابي في كثير من المواد غير أنها تمتاز بما فيها من عناصر أخلاقية لم يرد مثلها في الشرائع السابقة، وكان كهنتهم