منسوجاتهم؛ لأن الصبغة باللون الأحمر التي اشتهروا بها كانوا يستخرجون سائلها من أصداف تكثر على سواحل البحر، وكانوا لا يتاجرون في هذا السائل؛ بل في المنسوجات المصبوغة، ولم يقتصر استخراجهم لهذه المادة على الأصداف الموجودة على سواحلهم؛ بل كانوا يجلبونها أيضًا من المواني البعيدة، وبلغ من شهرة أقمشتهم المصبوغة بها والتي أصبحت تعرف باسم الأرجوان، أن ارتفعت أثمانها حتى أصبحت رمزا للملوك فيقال عنهم: مولود في الأرجوان. كما أنها كانت تستعمل في أزياء بعض ذوي المكانة مثل رؤساء الكهنة في بعض الجهات، وإلى جانب الصبغة بهذا اللون عرف الفينيقيون صبغة أخرى لونها قرمزي استخرجوا مادتها من حشرات كانت تعيش على أشجار السنديان حول الساحل؛ وذلك بوضع هذه الحشرات بعد تجفيفها في بعض الأحماض.
ومع أن الفينيقيين نشطوا في التنقل بين مختلف الأقطار وقاموا بدور عظيم في نقل مختلف السلع والثقافات؛ إلا أن ما خلفوه من مدونات لا يتناسب مع الدور الذي قاموا به؛ وربما يرجع ذلك إلى فناء أوراق البردي التي كانوا يدونون عليها وكانوا يجلبونها من مصر، ومع هذا فإن القليل الذي عثر عليه من نقوشهم ومدوناتهم يدل على علو شأنهم في كثير من المعارف. ومن ذلك أيضًا نستطيع أن نستنتج أن المدن الفينيقية كان يحكمها ملوك يتم اختيارهم من بعض الأسر النبيلة أو التي تنتمي إلى أصل مقدس؛ ولكن سلطان الملك كان يحدده مجلس الشيوخ، مؤلف من تجار المدينة.
ومن الملاحظ أن أصحاب الحرف كانوا يدينون بالولاء لرؤساء يمثلون طوائفهم المختلفة ويطلق على رئيس كل حرفة لقب "رب"