ما يمثل هذه المنتجات في الحضارات القديمة؛ فإن من الممكن أن يعزى ذلك إلى عاملين أساسين هما: ديانة أهل هذه الحضارات وفنونها.
والديانة شأنها شأن الحضارة خرجت في معناها عن مدلولها الأصلي؛ لأنها في اللغة كالدين لها معاني مختلفة منها الجزاء والمكافأة والطاعة والانقياد والعادة والعبادة، وهي كذلك اسم لجميع ما يعبد به الله والملة؛ إلا أن المعنى المألوف هو أنها: "الاعتراف بقوة أو قوى تفوق البشر، تسيطر عليهم، ويجب عليهم إطاعتها ويؤثر اعترافهم بها في سلوكهم وفي عقليتهم"، وقد تختلط في معناها بالعقيدة؛ ولكن هذه الأخيرة تدل في اللغة على عقد الرأي أو عقد القلب والضمير على أمر معين كما تدل على الاقتناء والجمع؛ فإذا قيل اعتقدت كذا أي عقدت عليه القلب والضمير، واعتقدت ضيعة ومالًا أي اقتنيتهما؛ إلا أن المعنى الشائع للعقيدة هو أنها: "إيمان بتفوق قوة من القوى"؛ ولكن ليس من الضروري أن تسيطر هذه القوة على البشر. وقد تطور هذا فأصبحت العقيدة اسمًا لما يدين به الإنسان. ومن الواضح أن الإنسان في الحضارات القديمة كانت له ديانات وعقائد عامة ولكننا لا نعرف شيئًا عن أصولها ونشأتها وطقوسها ومذاهبها؛ إلا من عصور متأخرة وخاصة بعد أن عرفت الكتابة؛ ومع هذا فإن ما نعرفه عنها لا يعد كافيًا لارتباطها بعواطف الإنسان وإحساساته الداخلية وهذه لا يمكن إدراكها؛ لأنها لم تدون في أغلب الأحيان -ورغم هذا يمكننا أن نتصور بأنها كانت ساذجة بسيطة في أول الأمر ثم تطورت ودخلتها زيادات وحواشي أخرجتها عن شكلها الأصلي، وما دام الأمر كذلك؛ فإن الإنسان -سواء في ديانته أو عقائده- يحاول أن يسترضي هذه القوى بكل ما لديه من وسائل مادية وغير مادية فشيَّد لها المعابد