فيالله، كم من أمة بهم اهتدت، وبعروة الله استمسكت، وكم من طالب علم علموه.. وتائه عن سبيل الرشد أرشدوه، وحائر عن صراط الله دلوه، ويالله كم دارس من العلم أحيوه، وكم شارد من العلم قيدوه، وكم أصل من الكتاب والسنة حرروه وضبطوه.
نوّر الله بهم ضمائر العباد، ودلّ بهم على سبيل الحق والرشاد، حملوا هذا العلم جيلاً بعد جيل، ورعيلاً بعد رعيل، لم ينقطع لهم في الله عز وجل أثر ولا قيل، حملوا هذا العلم لله، وبلغوه لوجه الله وابتغاء مرضاة الله، رجال العلم والعمل، وأهل الخير والفضل، فرحمة الله عليهم أجمعين، وجزاهم بأحسن الجزاء إلى يوم الدين.
أيها الأحبة في الله، أي مقام أشرف بأن تقوم يوماً من الأيام تخبر عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، وأي مقام أشرف حينما تصير أميناً على دين الله ووحي الله.
فمن قرأ القرآن فأحل حلاله، وحرم حرامه، وعرف شرعه وفق أحكامه، فقد حمل النبوة بين دفتي صدره.
من حمل هذا العلم المبارك فقد حمل ميراث النبوة، وشرّفه الله بخير كثير.
لكن وقفة قبل أن نصير إلى تلك الرياض العطرة، وتلك المجالس الكريمة النضرة، وقفة لكي نشحذ الهمم إلى أمور ينبغي أن يراعيها كل طالب علم، فلمجالس العلماء حقوق، ولطلب العلم حقوق.
ما من إنسان يفي لله عز وجل بهذه الحقوق إلا بارك الله له في علمه، وشرح صدره، ويسّر أمره.
وقفة مع آداب طلاب العلم مع العلماء، حتى نؤدي لهذا العلم حقه، ونؤدي إلى حملة الكتاب والسنة حقهم وقدرهم.
والذي جعل بعض طلبة العلم يسأمون ويملون من طول الزمان في الطلب، هو أنهم يحملون العلم أحمالاً على ظهورهم دون استشعار روحه وآدابه، فتجد طالب العلم يجمع الأقوال في المسألة والمناقشات، ويشتغل بها اشتغالاً جامداً يقسي القلب.