أما لو عرضت عليه المسألة، وتأملها ونظر الحق الذي فيها، وتعجب من فتح الله على العلماء، وأدرك فضل الله على هذا العالم في استنباطه ومناقشته، وسأل الله أن يفتح عليه كما فتح على ذلك العالم، وينظر في كتب السلف الزاخرة بهذه المسائل، ويقول: يا رب، كما وفقتهم وفقني بمثل هذه الروح والارتباط بالله جل وعلا، يزداد علمه وقربه إلى الله.
أيها الأحبة في الله، لقد تغيرت تلك الرياض الطيبة، وتغيرت تلك المجالس النيرة، التي كانت عامرة بالآداب والأخلاق، تغيرت بتلك الأخلاق الرديئة، تغيرت فأظلمت من بعد ضيائها، وتنكدت الأقدام في الدروب، وحادت عن علام الغيوب، لما فتنت بهذه المحنة العظيمة، وبليت الأمة في هذا العصر بداء الغرور، فسب السلف الصالح، وامتهنت كرامتهم، وأصبح العلماء يكابدون ويجاهدون من العناء والبلاء ما لا يُشكى إلا إلى الله وحده عز وجل.
وأصبح العبد يجد الشقاء في الجلوس فيها، فكم من كلمة نابية تسمع، وكم من تصرفات ممقوتة تُرى، لا ترى لها رادعاً، ولا ترى لها منكراً؛ لذلك جاءت أهمية هذا الموضوع.
نداء إلى القلوب الطاهرة، نداء إلى تلك النفوس الطيبة، نداء إلى تلك المعادن الزاكية، التي تعرف حق هذا العلم، وتعرف فضل العلماء، وحق السلف والخلف، نداء إلى تلك القلوب الكريمة، لكي تثبت على هذا السبيل القويم.
العلم يطالب بحقوق كثيرة وعظيمة، فمن أراد أن يطلبه فليأخذه بحقه.