فهذا مثال للمسائل التي تحتاج للرجوع إلى أهل الخبرة، ولذلك تجد بعض العلماء الأجلاء كان إذا سئل عن المسألة قال: يسأل عن ذلك أهل العلم به.

انظر إلى الإمام النووي في (المجموع) -لما اختلف العلماء في الريق الخارج من الفم أثناء النوم، هل هو نجس أم طاهر؟. على وجهين مشهورَيْن: من يقول: إنه خارج من المعدة، فهو فضلة تأخذ حكم الفضلة النجسة، ومن قال هو خارج من الفم، يعطيه حكم المخاط والبصاق؛ لأنها فضلة طاهرة-.

قال الإمام النووي: فإني سألت الأطباء فقالوا: إنه من الفم، وعليه فليس بنجس. والطب الحديث يؤكد أنه من الغدد اللعابية.

فلما رجع إلى أهل العلم والخبرة بالشيء كفى المؤونة، فلذلك يرجع في الفتاوى والمسائل إلى أهل كل اختصاص.

النقطة الثانية: بالنسبة لحكم النازلة يحتاج المفتي في حكم النازلة أن يكون ذا اجتهاد.

فأحق من يُستفتى في النوازل أهل الاجتهاد، وإذا وجد المجتهد وغير المجتهد، فالفتوى بالمجتهد ألزم وألصق وآكد.

حتى إن بعض العلماء يرى أن النوازل التي يجتهد فيها يحرم الرجوع فيها إلى غير المجتهدين، ومن هنا تدرك خطأ كثير من طلاب العلم يتعاطفون مع المسائل النازلة قبل أن يسألوا العلماء.

وتجد هذا يقول لك: هي حلال لكذا وكذا، وهذا يقول: هي حرام لكذا وكذا، وهذه جرأة على الله في الفتوى، وهي من المزالق التي جعلت كثيراً من طلاب العلم يجدون الهمّ والغمّ وعدم التوفيق في طلب العلم.

ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: (إن العبد ليتكلم بالكلمة من غضب الله ما يتبيّن فيها، يزلّ بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب) (?) [94] ) . ومن غضب الله أن يفتي فيما هو ليس بأهل له، فيحل ما حرّم الله ويحرّم ما أحل الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015