وهو الأساس العظيم للتوفيق والتسديد في الفتوى، فكل مسألة في الدين والشريعة تتكلم فيها، فاجعل الجنة والنار نصب عينيك، تخاف الله، لا تخاف أحداً سواه، ترجو رحمة الله ولا ترجو شيئاً عداه.
ولذلك قال بعض العلماء: لن يوفق الإنسان لتبليغ رسالة الله إلا بالخشية، وكلما وجدت الإنسان يصدع بالحق، ويقول الحق، ويأمر بالحق، ويهدي إلى الحق، فاعلم أن في قلبه من خشية الله على قدر ما وجدت فيه من الصدق والتبليغ لرسالة الله.
وكلما وجدت المفتي يبيّن حكم الله جل وعلا، ويُجّلّي الحقائق على أنصع ما تكون وأظهر ما تكون وأوضح ما تكون، فاعلم أن في قلبه من خشية الله على قدر ما وجدت من آثار فتواه من الوضوح.
((الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ)) [الأحزاب:39] . قال بعض العلماء: إن الله قرن الخشية بالتبليغ للرسالة والأداء للأمانة، ولذلك لن يستطيع طالب علم أن يبلغ أمانته إلا بقوة خوف من الله، وكلما كمل خوفه كمل تبليغه لرسالة الله.
وانظر إلى حال طلاب العلم تجد ذلك جلياً ظاهراً، فبمجرد ما يرجع الشاب أو طالب العلم إلى قريته أو إلى بلده، وقلبه معمور بالخوف من الله، أن يسأله عن هذه الأمة، ويحاسبه عن هؤلاء القوم، وتجده على خوف ووجل، وجدته ناشراً للعلم، باذلاً له، فيخرج الخوف من الله ما عنده من العلم.
فتبليغ رسالة الله والفتوى عن الله والإخبار عن الله يحتاج إلى شيء من الخوف والخشية والمعاملة لله سبحانه وتعالى.
والذي يَجبن ويَضعف، ويهاب الخلق أكثر من هيبته للخالق، ويخشى المخلوق أكثر من خشيته للخالق، فإنه لا يأمن أن يحرف دين الله وشريعة الله، نسأل الله السلامة والعافية.