لقد كان (?) [32] ) السلف الصالح يحملون همّ الإخلاص، حتى كان أبو هريرة رضي الله عنه إذا حدث بحديث الثلاثة الذين أول من تسعر بهم النار (?) [33] ) يغشى عليه، وكان سفيان بن عيينة رحمه الله يقول: (ما عالجت شيئاً أشد عليَّ من نيّتي أنها تتقلب عليَّ) (?) [34] ) .

وكان بعضهم إذا قيل له حدثنا، قال: لا.. حتى تأتي النية.

فأول ما يطلب الإنسان العلم يأتيه الزهو والغرور وحبّ المناظرة والمناقشة والبروز على الأقران وحظوظ الدنيا؛ لأنه حين رأيته يحمل كتابه بدأت تجله وتحترمه وتكبره وتخاطبه بالخطاب الذي يدل على إجلاله بعد أن كان من عوام الناس، فيعجب بذلك، فيهلك والعياذ بالله.

وإذا أراد الله بالعبد خيراً في بداية الطلب، كسر قلبه لخشيته، وبدأت تظهر أمارات الإخلاص على عمله وحركاته وسكناته، ويكون أشد ما يكون حرصاً على إخفاء عمله.

قال بعض السلف: وددتُ أن عبادتي بيني وبين الله، لا تراه عين.

الإخلاص لوجه الله أن تستحي من الله عز وجل، إذ علَّمَك وفَهَّمك وأجلسك مجالس الرحمة أن ترجو غيره، أو تلتمس رضوان أحد سواه، فاجعل تعلّمك خالصاً لله، ليس فيه لأحد سواه حظ ولا نصيب.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015