قال بعض أهل العلم –رحمهم الله-: الإخلاص هو الإسلام؛ لأن الإسلام هو الاستسلام لله وحده لا لشيء سواه، فأي طالب علم أخلص لله في طلبه، وكان يرجو الله عز وجل في قوله وعمله، فهو مسلم بحق، وهو طالب علم بصدق، وكم من أقوال قليلة عظمتها النية، وكم من أقوال كثيرة محق الله بركتها وعادت وبالاً على أصحابها لما خرجت لغير الله، وأريد بها غيره، فما كان لله دام واتصل، وما كان لغيره انقطع وانفصل.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إخلاص العمل هو الدين لله، الذي لا يقبل الله ديناً سواه. وقال في موضع آخر: وهو خلاصة الدعوة النبوية، وقطب القرآن الذي تدور عليه رحاه، واستشهد بقول الله تبارك وتعالى: ((تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ * إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ * أَلا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ)) [الزمر:1-3] . ألا لله العبودية والأقوال والأعمال الخالصة لوجهه.
إخلاص العمل لله أن يأخذ هذا النور وهو يرجو رحمة الله في كل كلمة يسمعها ويقولها ويكتبها ويفهمها، فتكون أشجانه وأحزانه لله جل جلاله، فلا يزال بهذا الإخلاص تُخط به في صحيفة عمله الحسنات، ويُستوجب له بها عند الله رفعة الدرجات، يغدو إلى مجالس العلم فينظر الله في قلبه وهو جالس مع العلماء، ومذاكرة طلاب العلم، وهو لا يريد إلا وجه الله والدار الآخرة، فلا يزال يحبه الله ويكرمه ويرفعه ويعظم أجره ويحسن العاقبة له في العلم.
فمن كمل إخلاصه لله، فإن الله يوفقه ويسدده ويرحمه، ويجعل عمله نفعاً له في دينه ودنياه وآخرته.