دخل الإمام أحمد رحمه الله على خلف الأحمر –وهو أحد أئمة الحديث-، لما أراد أن يقرأ عليه، جاء ليجلس بين يدي خلف رحمه الله، وكان الإمام أحمد مهاباً عند مشائخه، فلما جاء إلى خلف، أراد خلف أن يكرمه؛ لأنه أمام طالب من طلاب العلم، فجلس إلى جنبه، فقال له الإمام أحمد لما أراد أن يقرأ عليه: والله لا أجلس إلا بين يديك، هكذا أمرنا أن نتواضع مع من نأخذ عنه العلم.

وذكروا عن بعض علماء التفسير من الأئمة –رحمة الله عليه- أنه كان معه بعض طلابه في مجلس من المجالس، وكان بعض طلابه نابغة في اللغة العربية، فتذاكروا مسألة في اللغة، فتكلم ذلك الطالب فأجاد وأفاد، ثم قال لذلك العالم: لقد كتبت فيها ورقات، فقال له العالم: اذهب فائتني بما كتبت، فلما جاء بتلك الورقات وتلك الرسالة، نظر فيها ذلك الإمام الجليل، ما إن تصفح منها صفحة واحدة حتى نزل من مجلسه وأقسم على تلميذه أن يجلس في المكان الذي كان فيه، وأن يجلس الشيخ بين يديه حتى يقرأ الرسالة عليه.. أمة تعظم العلم وتعطيه حقه.

طالب العلم الذي لا يحسن الجلوس في مجالس العلماء، أو يجلس جلسة المتكدر، أو يجلس جلسة المترفع عن العلم، هذا بعيد عن سنة الصالحين، غافل عن خلُق عباد الله المتقين.

العلم مادة وروح، مادة: هي قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم. وروح: وهو إجلال العلم وإجلال العالم، ولذلك يقول طاوس بن كيسان –إمام من أئمة السلف الصالح رحمة الله عليهم- تلميذ ابن عباس، يقول كلمة عجيبة، يقول: (من السنة توقير العلماء) .

المَعْلَمْ الثالث: الإنصات:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015