وكان له باع في علم الأنساب، والحقيقة أنني قصّرت فيه ولم آخذ عنه، ويعلم الله: ما كان يمنعني منه إلا خشية أن الإنسان يأتي ويقول: هذه القبيلة تنتمي إلى كذا، فيتحمل أوزار أنساب أمم هو في عافية منه، لكن الحمد لله، في الفقه والحديث والعلوم التي أخذتها عليه غناء عن غيرها.
هناك بعض الشباب الملتزمين يرفضون الأذان والإقامة بقصد الخوف من الرياء، والتواضع، وأنه ليس أهلاً لذلك، مع العلم أنهم لو رفضوا لأخذ مكانهم الجهلة، فما نصيحتكم لهؤلاء (?) [162] ) ؟
الجواب:
الإمامة شعيرة من شعائر الإسلام، يقوم بها العلماء الأعلام، وأشباههم من طلاب العلم الكرام، وكم يُحيى من سنن المرسلين إذا تقلدها الأخيار، وكم يُحيى من بدع المضلين، ويمات من سنن المرسلين إذا تقلدها الفجار الأشرار. ينبغي على طالبٍ إذا كان في حيّ لا يوجد فيه غيره وتعينت عليه، أن يتولاها، ويأثم إذا تقاعس لدرجة يليها من هو أجهل منه، ممن قد يعَرّض صلاة الناس إلى الخلل، أو يكون في تقدمه ضرر على الناس في دينهم أو عقائدهم.
وأما إذا وجد في حيّ فيه من يتولاها غيره، وامتنع على سبيل التورع أو التفرغ لطلب العلم فلا حرج عليه، خاصةً إذا غلب على ظنه أن الإمامة تشغله عن إتقان العلم؛ لأن التفرغ مقدم على بعض الأحوال في بداية الطلب.
والأفضل أن يجمع طالب العلم بين الطلب والإمامة، كي تعينه على تبليغ رسالة الله، ولا ينبغي لمن فتح الله له باب دعوة في الخطابة أو الإمامة أن يتقاعس.