ولم ينجُ وسط إيران من المؤثرات الخارجية؛ فقد وجدت في سيالك آثار تدل على حدوث حريق وتدمير لبعض المساكن التي تنتمي إلى سيالك3 وإقامة مساكن أخرى مكانها, اختفى الفخار الملون منها وحل محله فخار أحمر أو رمادي يشبه في أشكاله فخار سوسة، كما أن الختم الأسطواني أصبح يستعمل بدلًا من الختم المخروطي الذي كان معروفًا من قبل، ويدلنا هذا على إدخال الكتابة على الألواح الطينية, وبالفعل ظهرت الكتابة قبل العيلامية في ألواح وآثار وجدت مع هذه الأختام. ويبدو أن العناصر التي جلبت معها هذه الكتابة "قبل العيلامية" إلى سوسة دخلت أيضًا إلى منطقة سيالك؛ ولكن في غزوة وحشية, ومن المرجح أنها كانت أقوى وأغنى من سكان المنطقة الأصليين؛ لأن وجود مظاهر حضارية "من تلك التي أحدثوها في سوسة" بمنطقة سيالك مع ما صاحبها من آثار تدمير وحريق يشير إلى أن هذه الحضارة قد فرضت بالقوة خلافًا لما حدث في المنطقة الشمالية؛ حيث تسللت إلى هذه الأخيرة العناصر المسالمة التي أشرنا إلى احتمال مجيئها من التركستان أو من السهول البعيدة في وسط آسيا, وجلبت معها الفخار الأسود والرمادي المسود واندمجت مع السكان الأصليين1.
وتتميز منازل هذا العصر بأنها بنيت بعناية ولو أن أبوابها ظلت حقيرة، وكانت تزود عند مدخلها بموقد مقسم إلى قسمين, أحدهما للطعام والآخر للخبز وإلى جانبه إناء للماء. وقد عثر فيها على أثاث متواضع خشن الصنع, كانت مفرداته والمؤن المختلفة التي معه توضع داخل فجوات مخصصة لها أو تحاط بأسوار أو حواجز حجرية لحمايتها، وكان الموتى يدفنون تحت أرضية الحجرات وتوضع معهم مهمات جنزية وتقدمات مختلفة مثل أدوات الزينة والمرايا النحاسية وأوانٍ من المرمر وغيرها، وقد زين الموتى أنفسهم