...
الفصل الثامن: إيران:
تتلو العراق شرقًا منطقة إيران وتعد النهاية الشرقية لإقليم الشرق الأدنى, وكانت ذات أثر كبير في تاريخه وحضارته؛ لأنها تقع في طريق المواصلات البرية بين الشرق الأقصى وإقليم البحر المتوسط، وكثيرًا ما كانت تستقبل هجرات بين حين وآخر من وسط آسيا، ويعد سكان سهولها من أقدم الشعوب التي توصلت إلى الزراعة والاستقرار، وقد تمكن حكامها في بعض عصورها التاريخية من أن يبسطوا نفوذهم على ما جاورهم وأسسوا إمبراطورية واسعة, ما إن أفل نجمها حتى أخذت تصبح مجالًا لتنازع القوى الكبيرة؛ لما لها من موقع إستراتيجي ممتاز, ولما لثرواتها الطبيعية من أهمية اقتصادية.
وهي في شكلها العام تمثل هضبة مثلثة تنحصر بين منخفضين: الخليج العربي في الجنوب وبحر قزوين وسهل التركمان في الشمال ... وتغلب عليها الطبيعة الجبلية وكل سلاسل جبالها تمتد حول منخفض في الوسط يمثل منطقة صحراوية كانت في الأصل بحرًا داخليًّا ثم جفت مياهه، وهذه السلاسل هي: جبال زاجروس في الغرب وهي تسير في سلاسل متوازية من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي ويفصل فيما بينها عددٌ من الوديان, وجبال البرز في الشمال وهي التي تكاد