ونجحت الثورة مؤقتًا؛ لأن دارا الثاني توفي وخلفه أرتكزركيس الثاني, ولم يكن حكم هذا الأخير مقبولًا تمامًا في أنحاء الإمبراطورية؛ ولذا هزمت فارس في ميادين مختلفة ونجحت حركة التحرير التي قادها "إمرتي" حفيد "أميرتايوس" السابق1 الذي يعتبر مؤسس الأسرة الثامنة والعشرين والملك الوحيد فيها.
وبعد أن حكم هذا الأخير نحو ستة أعوام قتل على إثر ثورة قام بها "نفريتس" أمير منديس مكونًا أسرة جديدة هي الأسرة التاسعة والعشرون التي لم تستمر طويلًا هي الأخرى؛ لأن الفرس بدءوا يهتمون بمصر من جديد، وقد حاول نفريتس جهده أن يتلافى خطرهم فتودد إلى الإغريق للاستعانة بهم عند الحاجة, وتحالف مع الإسبرطيين؛ حيث أرسل إليهم مددًا في حربهم ضد الفرس، وفي نفس الوقت تقدمت القوات المصرية إلى الحدود السورية واحتلت بها بعض المواقع؛ ولكن نظرًا لهزيمة أسطول إسبرطة في حربها ضد أثينا انسحبت قوات إسبرطة من الأقاليم الآسيوية، كذلك اضطرت القوات المصرية إلى التراجع نظرًا لحلول الشتاء.
ويمكن أن يقال: إن الأسرة التاسعة والعشرين بدأت بداية طيبة ولكن سوء الحالة الداخلية ظل على ما هو عليه, ولم يقدر لانتفاضة مصر في عهدها طول البقاء؛ فحينما توفي نفريتس وتبعه "أخورس" على العرش تحالف هذا الأخير مع أمراء ليبيا واليونان وقبرص ضد فارس, ومع أن مصر لم تكن لديها فرصة لتدعيم قواها فإن أخورس أرسل إلى ملك قبرص الذي كان يحارب الفرس مددًا من السفن الحربية والمؤن والمال، واستمر هذا الصراع ثلاثة أعوام؛ ولكنه لم يؤدِّ إلى نتيجة, وبعدئذ رأى قائد الأسطول الفارسي أن يتحالف مع أخورس فاستطاع هذا الأخير أن يتفرغ للإصلاحات الداخلية, ولم تلبث الحال أن تبدلت