ولما وقفت القوتان "أشور ونباتا" وجهًا لوجه بدأ ملوك نبتة سياسة جس النبض، بل ومن المرجح أنهم أرادوا أن تكون علاقتهم بآشور ودية بدليل وجود أختام من الصلصال في أرشيف نينوى تحمل اسمي شبكا وسرجون الثاني جنبًا إلى جنب، كذلك وجد ختم لشبكا في كيونجك يحتمل أنه كان ختمًا لرسالة أرسلت منه إلى الملك الأشوري؛ فلما أرسل الأخير رده إلى شبكا اعتبره هذا دليلًا على خضوع الملك الأشوري له؛ إذ إننا نجد أحد نقوش شبكا يمثله وهو يخضع الشعوب الآسيوية والإفريقية بالطريقة التقليدية المعروفة في مصر الفرعونية.

وحينما أخضع سرجون الثاني سماريا ونقل أهل إسرائيل إلى بلاد النهرين لم يبق من فاصل بين أشور ومصر "منطقة نفوذ نبتة" إلا مملكة يهودا الصغيرة التي كانت تتأرجح بين الخضوع للملك الأشوري أو لملك مصر، ثم ما لبثت كل الممالك الصغيرة في فلسطين ومن بينها يهودا أن خضعت لأشور. وقد ذاقت هذه الممالك الأمرين من حكمها؛ فثارت ضدها وبعدئذٍ لم يكن هناك بد من غزو الأشوريين مصر؛ لأن شبكا كان يثير قواتها المتحالفة ويشجعها؛ إلا أن سرجون استطاع أن يقضي على تلك القوات وأن يوطد مركزه في هذه الإمارات.

وبعد أن حكم شبكا اثني عشر عامًا مات وتبعه في الحكم "شبتكو" الذي لم يحكم إلا فترة وجيزة, حدث خلالها أن توفي سرجون الثاني هو الآخر وتولى بعده "سنخريب" الذي ضاق ذرعًا بمؤامرات مصر وثورات الدويلات الصغيرة في غرب آسيا، فحاصر أورشليم إلى أن أخضعها واضطر ملكها "حزقيا" إلى دفع ضريبة ضخمة كان من جرائها أن جردت المعابد من كنوزها ونفائسها, وبعدئذ عاد الأشوريون إلى بلادهم؛ حيث يبدو أن وباء انتشر في صفوف جيشهم، كما أن الأحوال الداخلية في بلادهم لم تكن لتشجع على التقدم إلى مصر. ويشير الكتاب المقدس إلى ذلك فيذكر أن الأشوريين رجعوا من فلسطين

طور بواسطة نورين ميديا © 2015