بقي -أيها الأخ المبارك- أن نبين بعض ما يمكن أن يطلق على الجن: فإذا كان الجني خالياً من الوصف: جنياً، فإذا سكن البيوت سمي: عامراً، أي يعمر البيوت على شكل حيات أو عقارب، أو أي هيئة أخرى، ويجمع على: عمار، فإذا تعرض للصبيان سمي: روحاً، فإذا خبث وأضل سمي: شيطاناً، فإذا كان شيطاناً قوياً سمي: عفريتاً، أما المارد فهو وصف للجن وليس اسماً، هذا ما حكاه الإمام ابن عبد البر رحمة الله تعالى عليه، وهو إلى الصواب أقرب، لكن ينبغي أن ينبه: أن الجن التي تسكن البيوت، والمسماة: بالعوامر جاء في موطأ مالك بسند صحيح: (أن رجلاً من الصحابة كان حديث عهد بعرس -أي حديث عهد بزواج- خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الخندق، ثم أخذ يستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في العودة إلى بيته وألا يرابط في الخندق؛ لأنه حديث عهد بعرس، فاستأذن ذات مرة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم غالباً ما يأمره أن يأخذ سلاح خوفاً عليه من بني قريظة).
والمقصود من هذا: أن الرجل لما عاد وجد زوجته خارج الدار، ثم ضربها، وأراد أن يهوي عليها بالسيف، فأشارت إلى داخل البيت، فإذا هي حية فضربها بالسيف، فماتا جميعاً.
وهذا يدل على وجوب أن يكون الإنسان متمهلاً في التعامل مع ذوات البيوت؛ خوفاً من أن تكون من العمار، وقد أذن لنا في مثل هذه الأحوال أن نحرج عليهم.
وفقنا الله وإياكم لكل خير، وجمعنا الله وإياكم في حلقة قادمة.
وصلى الله على محمد وعلى آله، والحمد لله رب العالمين.