كل شيء قدير، وليُسلِّم بما أخبر الله به، ويترك الخوض فيما لا يستطيع أحد الوصول إلى كنهه عالمين أنه لا سبيل إلى معرفة كيفية صفاته تعالى بل نعتقد أن كل ما دار بخلد إنسان في كيفية صفة الرب تعالى فالله تعالى منزه عنه، فإنه لا يعلم كيف الله إلا الله تعالى، وكذا لا يعلم كيف صفاته إلا هو سبحانه، فمن خاض في كيفية صفات الرب فقد تعاطى ما لا علم له به وما لا سبيل إلى العلم به وقال على الله بغير علم، وهذا من أكبر الكبائر , قال تعالى (ليس كمثله شىء وهو السميع البصير) , فعلى هذا يجب على المسلم أن يؤمن بعلو الله على خلقه ذاتاً وقدراً وقهراً وعليه كذلك التوقف في الإيمان بلوازم هذا العلو الذي لم ينص عليها كتاب أو سنة بنفيها أو إثباتها , ناهيك لو كانت هذه اللوازم باطلة كما هو الحال في كثير من الشبهات , ولنقف حيث وقف السلف ـ رحمهم الله ـ الذين هم أعلم بالله تعالى منا مثبتين لله ما أثبته لنفسه من غير تكييف ولا تعطيل ولا تشبيه ولا تمثيل , نافين عنه ما نفاه عن نفسه , وهذا الذي قررناه هو ما دلت عليه نصوص الكتاب والسنة، وإجماع الصحابة والتابعين ومن بعدهم من أهل القرون المفضلة.

قال الله تعالى (سبح اسم ربك الأعلى).

وقال الله تعالى (يخافون ربهم من فوقهم).

وأما الأرض فهي حبة في فلاة بالنسبة لملكوت الله تعالى وهو سبحانه فوق ذلك كله، وله الفوقية المطلقة.

وقال الله تعالى (ثم استوى على العرش) في سبعة مواضع من القرآن وقد فسر السلف الاستواء بالعلو والارتفاع والصعود , مع نفي علمنا بالكيفية، كما قال الإمام مالك رحمه الله: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة ... انتهى. ولنعلم أنه لا يجوز إبطال دلالة النصوص المثبتة لصفة الاستواء بمجرد أوهام يظن صاحبها أنها دلالات عقلية، إذ أن العقل الصريح لا يعارض النقل الصحيح.

وقال الله تعالى (إليه يصعد الكلم الطيب).

وقال الله تعالى (بل رفعه الله إليه).

وقال الله تعالى (أأمنتم من في السماء).

والسماء بمعنى العلو، أو هي السماوات المعروفة و (في) بمعني (على) أي: على السماء، إذ ليس الله تعالى محصوراً ولا داخلاً في شيء من خلقه، وهذا نحو قوله تعالى (قل سيروا في الأرض) أي على الأرض. وكقوله تعالى (ولأ صلبنكم في جذوع النخل) أي على جذوع النحل.

إلى غير ذلك من الآيات الدالة على علوه تعالى على خلقه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015