{112 1 - 4} فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ [16 74] فَتَحَصَّلَ مِنْ جَمِيعِ هَذَا الْبَحْثِ أَنَّ الصِّفَاتِ مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ، وَأَنَّ الْحَقَّ فِيهَا مُتَرَكِّبٌ مِنْ أَمْرَيْنِ: الْأَوَّلُ: تَنْزِيهُ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَنْ مُشَابَهَةِ الْخَلْقِ، وَالثَّانِي: الْإِيمَانُ بِكُلِّ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، أَوْ وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِثْبَاتًا، أَوْ نَفْيًا، وَهَذَا هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ، وَالسَّلَفُ الصَّالِحُ ـ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ـ مَا كَانُوا يَشُكُّونَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلَا كَانَ يَشْكُلُ عَلَيْهِمْ، أَلَا تَرَى إِلَى قَوْلِ الْفَرَزْدَقِ وَهُوَ شَاعِرٌ فَقَطْ، وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ الْعِلْمِ، فَهُوَ عَامِّيٌّ: وَكَيْفَ أَخَافُ النَّاسَ وَاللَّهُ قَابِضٌ ... عَلَى النَّاسِ وَالسَّبْعَيْنِ فِي رَاحَةِ الْيَدِ ـ وَمُرَادُهُ بِالسَّبْعَيْنِ: سَبْعُ سَمَاوَاتٍ وَسَبْعُ أَرْضِينَ، فَمَنْ عَلِمَ مِثْلَ هَذَا مِنْ كَوْنِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِينَ فِي يَدِهِ جَلَّ وَعَلَا أَصْغَرَ مِنْ حَبَّةِ خَرْدَلٍ، فَإِنَّهُ عَالِمٌ بِعَظَمَةِ اللَّهِ وَجَلَالِهِ لَا يَسْبِقُ إِلَى ذِهْنِهِ مُشَابَهَةُ صِفَاتِهِ لِصِفَاتِ الْخَلْقِ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ زَالَ عَنْهُ كَثِيرٌ مِنَ الْإِشْكَالَاتِ الَّتِي أَشْكَلَتْ عَلَى كَثِيرٍ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَا مِنْ تَنْزِيهِ اللَّهِ جَلَّ وَعَلَا عَمَّا لَا يَلِيقُ بِهِ، وَالْإِيمَانِ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، أَوْ وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، هُوَ مَعْنَى قَوْلِ الْإِمَامِ مَالِكٍ رَحِمَهُ اللَّهُ: الِاسْتِوَاءُ غَيْرُ مَجْهُولٍ، وَالْكَيْفُ غَيْرُ مَعْقُولٍ، وَالسُّؤَالُ عَنْهُ بِدْعَةٌ ـ وَيُرْوَى نَحْوُ قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا عَنْ شَيْخِهِ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَأُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا. انتهى.
فالزم هذه الجادة تنج وتفلح، فليتبصر اللبيب أين يضع قدمه في هذه المسائل العظيمة ولينته حيث انتهى السلف الكرام رحمهم الله ورضي عنهم.
السؤال الرابع عشر: عندي بعض الشبهات في باب العقيدة أرجو أن تكشفوها مأجورين, وهي أن الله عز وجل فوق خلقه وهو عال عليهم، ومن المعلوم بأن الأرض كروية، فإذا كان الله عز وجل فوقنا فهل الله عز وجل في ذات الوقت يكون تحتنا وهو منزه عن النقص ولكن تحتنا باعتبار أنه أيضاً فوق من يقابلنا من الجهة الأخرى من العالم؟ وهل الله عز وجل محيط بخلقة كالسماوات للأرض بدليل قول النبي عليه الصلاة والسلام: (وأنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء). فإذا كان تفسير الظاهر بمعنى الفوقية فهل يكون معنى الباطن أنه تحتنا أيضاً باعتبار المقابلة في المعنى وهو محيط بنا بذاته كإحاطة السماوات لنا؟ أفتونا مأجورين.
الإجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: