مجدوا الله فهو للمجد أهل ... ربنا في السماء أمسى كبيرا

بالبناء العالي الذي بهر النَّاس ... وسوَّى فوق السماءِ سريرا

شرجعاً لا يناله بصر العين ... ترى حوله الملائك صورا

الصور هنا جمع أصور , وهو المائل العنق لنظره إلى العلو. والشرجع هو العالي المنيف , والسرير: هو العرش في اللغة.

ومن شعر عبدالله بن رواحة رضي الله عنه , الذي عرَض به عن القراءة لامرأته حين اتهمته بجاريته:

شهدت بأن وعد الله حق ... وأن النار مثوى الكافرينا

وأن العرش فوق الماء ... طاف وفوق العرش رب العالمينا

وتحمله ملائكة شداد ... ملائكة الإله مسوَّمينا

ذكره ابن عبدالبر وغيره من الأئمة.

قال ابن كثير: العرش على الصحيح الذي تقوم عليه الأدلة قبة مما يلي العالم من هذا الوجه، وليس بمحيط كسائر الأفلاك؛ لأنه له قوائم وحملة يحملونه. ولا يتصور هذا في الفلك المستدير، وهذا واضح لمن تدبر ما وردت به الآيات والأحاديث الصحيحة، ولله الحمد والمنة اهـ.

وذكر العيني في شرح أبي داود نحو ذلك ثم قال: وبهذا بطل كلام من يقول: إنه فلك مستدير في جميع جوانبه، محيط بالعالم من كل جهة، وهو الفلك التاسع، والفلك الأطلس، والأثير اهـ.

وقال القاسمي في (محاسن التأويل): هذا ـ يعني الوصف بالمقبب ـ لا يدل على أنه فلك من الأفلاك، ولا مستدير مثل ذلك، لكن لفظ (القبة) يستلزم استدارة من العلوّ، لا من جميع الجوانب، إلا بدليل منفصل. ولفظ (الفلك) يستدل به على الاستدارة مطلقا، كما قال ابن عباس في كُلٌّ فِي فَلَكٍ [الأنبياء: 33]: في فلكة مثل فلكة المغزل وأما لفظ (القبة) فإنه لا يتعرض لهذا المعنى، لا ينفي ولا إثبات، لكن يدل على الاستدارة من العلوّ اهـ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015