بأنه الملك، وهذا الحديث يرد هذا التأويل ويبطله، وكذلك يبطله قوله تعالى: وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ {الحاقة:17}.

قال صلى الله عليه وسلم {إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلاها وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة}.

وأما الكرسي في قوله تعالى: وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ {البقرة:255}، فقيل: هو العرش ذاته، وقيل: هو علم الله، وقيل: هو موضع القدمين من العرش , وأنه بين يدي العرش كالمرقاة إليه، فهو غير العرش، وهذا القول هو الأقرب والراجح , والله تعالى أعلم.

السؤال الثاني عشر: هل العرش كالقبة على العالم أم كالفلك المستدير؟

لا شك أن العرش هو أعلى المخلوقات وسقفها ولكن اختُلف في صفة العرش فقيل: أن العرش فلك مستدير محيط بالعالم من كل جهة، وربما سموه: الفلك الأطلس، والفلك التاسع , وهذا مذهب طائفة من أهل الكلام، وقيل هذا ليس براجح؛ لأنه على حد تعبير ابن تيمية رحمه الله قد ثبت في الشرع أن له قوائم تحمله الملائكة، كما قال صلى الله عليه وسلم: {فإن الناس يصعقون، فأكون أول من يفيق، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أفاق قبلي أم جوزي بصعقة الطور}.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: والكرسي فوق الأفلاك كلها، والعرش فوق الكرسي، ونسبة الأفلاك وما فيها بالنسبة إلى الكرسي كحلقة في فلاة، والحملة بالنسبة إلى العرش كحلقة في فلاة، وأما العرش فإنه مقبب لما روي في السنن لأبي داود عن جبير بن مطعم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال يا رسول الله: جهدت الأنفس وجاع العيال .. وذكر الحديث، إلى أن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله على عرشه، وإن عرشه على سماواته، وأرضه هكذا، وقال بأصبعه مثل القبة. اهـ.

وقال شارح الطحاوية ابن أبي العز: والعرش في اللغة عبارة عن السرير الذي للملك، كما قال تعالى عن بلقيس: وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ. وليس هو فلكا ولا تفهم منه العرب ذلك، والقرآن إنما أنزل بلغة العرب، فهو سرير ذو قوائم تحمله الملائكة، وهو كالقبة على العالم، وهو سقف المخلوقات. اهـ.

ومن شعر أمية بن أبي الصلت:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015