من الوحي إلى أهل الاختصاص من علماء الفلك، فالله سبحانه وتعالى يقول: فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا {الفرقان:59}، ويقول تعالى: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {النحل:43}، ومما يجدر وضعه في الاعتبار أن هذه المسألة لا يترتب عليها حكم شرعي ولا ينبني عليها عمل تكليفي، فينبغي أن يكون البحث فيها لأهل الاختصاص من علماء الفلك هذا والله تعالى أعلم.

السؤال الخامس: ما تأويل قوله تعالى (خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ)؟

اعلم رحمك الله أن المفسرون اتفقوا على أن السماوات سبع، بعضها فوق بعض، واختلفوا في تفسير الأرضين السبع، فذهب الجمهور إلى أنها كرات كالكرة الأرضية، بعضها فوق بعض، بين كل أرض منها مسافة كما بين السماء والأرض، وأن في كل أرض منها خلق، لا يعلم حقيقتهم إلا الله تعالى. وقيل: إنها سبع أرضين، إلا أنه لم يفتق بعضها من بعض. وقيل: إن الأرض كرة واحدة منقسمة إلى سبعة أقاليم وهذا القول ضعيف جداً. قال القرطبي في تفسيره: ذكر تعالى أن السماوات سبع، ولا خلاف في أنها كذلك، بعضها فوق بعض، كما دلَّ على ذلك حديث الإسراء وغيره، ولم يأتِ للأرض في التنزيل عدد صريح لا يحتمل التأويل إلا قوله تعالى: وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ [الطلاق:12]، وقد اختلف في المثلية؛ هل تكون في العدد واللفظ؟ لأن الكيفية والصفة مختلفة بالمشاهدة والأخبار، والجمهور على أنها سبع أرضين طباقًا، بعضها فوق بعض، بين كل أرض وأرض مسافة كما بين السماء والسماء، وفي كل أرض سكان من خلق الله. وعن الضحاك: أنها سبع أرضين، ولكنها مطبقة بعضها على بعض من غير فتوق بخلاف السموات. قال القرطبي: والأول أصح؛ لأن الأخبار دالّة عليه. ومن هذه الأخبار ما رواه النسائي وغيره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو أن السماوات السبع وعامرهنَّ، والأرضين السبع جعلن في كفةٍ، ولا إله إلا الله في كفة، لمالت بهنَّ لا إله إلاالله. وقال ابن كثير في تفسيره: ومن حمل ذلك على سبعة أقاليم فقد أبعد النجعة، وأغرق في النزع، وخالف القرآن والحديث بلا مستند. أما ما رواه البيهقي في "الأسماء والصفات" (رقم:832) عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ [الطلاق:12] قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015