شهر في مدار نصف قطره (24) ألف ميل، والأرض تدور حول الشمس في سنة، وحول نفسها في يوم وليلة.
وهذا دليل على أن الله سبحانه وتعالى جعل لكل من الشمس والقمر والأرض مدارا مستقلا يدور فيه، فلا يحجب أحدهما ضوء الآخر إلا نادرا حينما يحدث خسوف الشمس أو كسوف القمر، كما قال الله تعالى: وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ. كأنه أخبر أن كل كوكب سيار يدور ...
ويقول سيد قطب في تفسيره في ظلال القرآن: ..... إن كون الأرض تدور دورتها هذه حول نفسها أمام الشمس، وكون القمر بهذا الحجم وبهذا البعد من الأرض، وكون الشمس كذلك بهذا الحجم وهذا البعد وهذه الدرجة من الحرارة ... هي تقديرات من (العزيز) ذي السلطان القادر (العليم) ذي العلم الشامل ..... ولولا هذه التقديرات ما انبثقت الحياة من الأرض على هذا النحو، ولما انبثق النبت والشجر من الحب والنوى .... إنه كون مقدر بحساب دقيق .. لا مجال فيه للمصادفة العابرة ....
وفي موضع آخر يقول -رحمه الله-: وهذه الأرض تدور دورتها، وتخرج زرعها وتقوت أبناءها وتواري موتاها، وتفجر ينابيعها .... وفق سنة الله تعالى بلا إرادة منها.
ويقول في موضع آخر: .... فالأرض الكروية تدور حول نفسها في مواجهة الشمس، فالجزء الذي يواجه الشمس من سطحها المكور يغمره الضوء ويكون نهاراً، ولكن هذا الجزء لا يثبت لأن الأرض تدور، وكلما تحركت بدأ الليل يغمر السطح الذي كان عليه النهار.
وهذا السطح مكور، فالنهار كان عليه مكورا، والليل يتبعه مكورا كذلك، وبعد فترة يبدأ النهار من الناحية الأخرى يتكور على الليل، وهكذا في حركة دائبة: يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهَارِ وَيُكَوِّرُ النَّهَارَ عَلَى اللَّيْلِ. واللفظ يرسم الشكل ويحدد الوضع ويعين نوع طبيعة الأرض وحركتها، وكروية الأرض ودورانها يفسران هذا التعبير أدق من أي تفسير آخر لا يستصحب هذه النظرية .... انتهى.
وحركة الأرض ودورانها ليست من الواجب عقلاً أو المستحيل عقلاً بل هي من الجائز، فإذا أثبت أهل الاختصاص من المسلمين وغيرهم هذه الحقيقة ولم يكن في شرعنا ما يخالفها، فإن علينا أن نسلم بذلك ونحن على يقين جازم بأن ثابت الوحي لن يتعارض مع حقيقية علمية ثابتة، فمرد هذه الأمور التي لم يرد نص فيها قطعي