داء عظيم إذا تجارى بالإنسان تمادى وهلك.
قال أبو داود: حدثنا أحمد بن عمرو بن السرح أنبأنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب قال وأخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب وكان قائد كعب من بنيه حين عمي قال سمعت كعب بن مالك وذكر ابن السرح قصة تخلفه عن النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، قال ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كلامنا أيها الثلاثة حتى إذا طال عليَّ تسورت جدار حائط أبي قتادة وهو ابن عمي فسلمت عليه فو الله ما رد علي السلام ثم ساق الخبر في نزول توبته.
قال الشيخ: فيه من العلم أن تحريم الهجرة بين المسلمين أكثر من ثلاث إنما هو فيما يكون بينهما من قبل عتب وموجدة أو لتقصير يقع في حقوق العشرة ونحوها دون ما كان من ذلك في حق الدين فإن هجرة أهل الأهواء والبدعة دائمة على مر الأوقات والأزمان ما لم تظهر منهم التوبة والرجوع إلى الحق، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم خاف على كعب وأصحابه النفاق حين تخلفوا عن الخروج معه في غزوة تبوك فأمر بهجرانهم وأمرهم بالقعود في بيوتهم نحو خمسين يوماً على ما جاء في الحديث إلى أن أنزل الله سبحانه توبته وتوبة أصحابه فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم براءتهم من النفاق.
وفيه دلالة على أنه لا يحرج المرء بترك رد سلام أهل الأهواء والبدع.
وفيه دليل على أن من حلف أن لا يكلم رجلاً فسلم عليه أو رد عليه السلام كان حانثاً.