قال الشيخ: اختلف الناس في تأويل هذا الكلام فذهب بعضهم إلى أن ذلك إنما جاء في رجل بعينه كان موسوماً بالشر، وقال بعضهم إنما صار ولد الزنا شراً من والديه لأن الحد قد يقام عليهما فيكون العقوبة تمحيصاً لهما؛ وهذا في علم الله لا يدري ما يصنع به وما يفعل في ذنوبه.
وأنبأنا أبو هاشم حدثنا الدبري عن عبد الرزاق عن ابن جريج عن عبد الكريم قال كان أبو ولد الزنا يكثر أن يمر بالنبي صلى الله عليه وسلم فيقولون هو رجل سوء يا رسول الله فيقول صلى الله عليه وسلم: هو شر الثلاثة، يَعني الأب فحول الناس الولد شر الثلاثة، وكان ابن عمر رضي الله عنه إذا قيل ولد الزنا شر الثلاثة قال بل هو خير الثلاث.
قلت هذا الذي تأوله عبد الكريم أمر مظنون لا يدرى صحته والذي جاء في الحديث الذي رواه أبو هريرة إنما هو ولد الزنا شر الثلاثة فهو على ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد قال بعض أهل العلم أنه شر الثلاثة أصلاً وعنصراً ونسباً ومولوداً وذلك لأنه خلق من ماء الزاني والزانية وهو ماء خبيث.
وقد روي في بعض الحديث العرق دساس فلا يؤمن أن يؤثر ذلك الخبث فيه ويدب في عروقه فيحمله على الشر ويدعوه إلى الخبث، وقد قال سبحانه في قصة مريم {ما كان أبوك امرأ سوء وما كانت أمك بغياً} [مريم: 28] فقضوا بفساد الأصل على فساد الفرع.
وقد روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه في قوله تعالى {ذرأنا لجهنم كثيراً من الجن والإنس} [الأعراف: 179] أنه قال ولد الزنا مما ذرىء لجهنم.
وعن سعيد بن جبير أنه قال ولد الزنا ذرىء لجهنم.
وكان مالك لا يجيز شهادة ولد الزنا على الزنا خاصة دون غيره من الشهادات للتهمة.