معالم السنن (صفحة 1061)

فأما بيعه على أن يبطل كتابته وهو ماض فيها مؤد ما يجب عليه من نجومه فلا أعلم أحداً ذهب إليه إلاّ أن يعجز المكاتب عن اداء نجومه فيجوز عندئذ بيعه لأنه قد عاد رقيقاً كما كان قبل الكتابة.

وفي قوله المكاتب عبد ما بقي عليه درهم دليل على أن المكاتب إذا مات قبل أن يؤدي نجومه بكمالها لم يكن محكوماً بعتقه وإن ترك وفاء لأنه إذا مات وهو عبد لم يصر حراً بعد الموت ويأخذ المال سيده ويكون أولاده رقيقا له.

وقد روي هذا القول عن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت، وإليه ذهب عمر بن عبد العزيز والزهري وقتادة وهو قول الشافعي وأحمد بن حنبل.

واستدل بعضهم في ذلك بأن تلف المبيع قبل القبض يبطل حكم العقد والمكاتب مبيع تلف قبل أن يقبض فيملك نفسه ونزول يد السيد عنه.

وروي عن علي وابن مسعود أنهما قالا إذا ترك المكاتب وفاء بما بقي عليه من الكتابة عتق، وإن ترك زيادة كانت لولده الأحرار، وهو قول عطاء وطاوس والنخعي والحسن وبه قال أبو حنيفة وأصحابه وقال مالك نحواً من ذلك.

وفيه دليل على أن ليس للمكاتب أن يكاتب عبده لأنه عبد وأداء الكتابة توجب الحرية والحرية توجب الولاء، وليس المكاتب ممن يثبت له الولاء لأن الولاء بمنزلة النسب، وإلى هذا ذهب الشافعي في أحد قوليه، وفي قوله الآخر يجوز له أن يكاتبه لأنه من باب المكاسب وهو قول أبي حنيفة وأصحابه.

قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا سفيان عن الزهري عن نبهان مكاتب لأم سلمة، قال سمعت أم سلمة تقول: قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان لإحداكن مكاتب وكان عنده ما يؤدي فلتحتجب منه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015