وقال مالك إن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا عفوا فلهم قيمة العبد ولسيد العبد إن شاء يعطي قيمته وإن شاء سلم العبد وليس عليه غير ذلك.
وقال الشافعي إذا قتل عبد عبد رجل فسيد العبد المقتول بالخيار بين أن يقتل أو يكون له قيمة العبد المقتول في رقبة العبد القاتل فإن أداها سيد العبد القاتل متطوعاً فليس لسيد العبد المقتول إلاّ ذلك إذا عفا عن القصاص. وإن رأى سيد العبد القاتل أن يؤديها لم يجبر عليه وبيع العبد القاتل، فإن وفى ثمنه بقيمة العبد المقتول فهو له وإن نقص فليس له غير ذلك وإن زاد كان الفضل لسيده.
قال أبو داود: حدثنا مسدد حدثنا المعتمر عن حميد الطويل عن أنس بن مالك قال كسرت الرُّبَيّع أخت أنس بن النَّضر ثنية امرأة، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقضى بكتاب الله عز وجل القصاص، فقال أنس بن النَّضر والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها اليوم، فقال يا أنس كتاب الله القصاص فرضوا بأرش أخذوه فعجب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن من عباد الله من لوأ قسم على الله لأبره.
قال الشيخ: قوله كتاب الله القصاص معناه فرض الله الذي فرضه على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم وأنزله من وحيه.
وقال بعضهم أراد به قول الله عز وجل {وكتبنا عليهم} إلى قوله {والسن بالسن} [المائدة: 45] وهذا على قول من يقول إن شرائع الأنبياء لازمة لنا وأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يحكم بما في التوراة.
وقيل هذا إشارة إلى قوله تعالى {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} [النحل: 126] إلى قوله {والجروح قصاص} [المائدة: 45] والله أعلم.