وَالدَّلِيل عَلَيْهِ أَنه ادّعى النُّبُوَّة وَظَهَرت المعجزة على يَده وكل من كَانَ كَذَلِك كَانَ رَسُولا حَقًا فالمقام الأولى أَنه ادّعى النُّبُوَّة وَذَلِكَ مَعْلُوم بالتواتر وَالْمقَام الثَّانِي أَنه أظهر المعجزة فالدليل عَلَيْهِ وُجُوه
أَحدهَا أَنه ظهر الْقُرْآن عَلَيْهِ وَالْقُرْآن كتاب شرِيف بَالغ فِي فصاحة اللَّفْظ وَفِي كَثْرَة الْعُلُوم فَإِن المباحث الإلهية وَارِدَة فِيهِ على أحسن الْوُجُوه وَكَذَلِكَ عُلُوم الْأَخْلَاق وعلوم السياسات وَعلم تصفية الْبَاطِن وَعلم أَحْوَال الْقُرُون الْمَاضِيَة
وهب أَن بَعضهم نَازع فِي كَونه بَالغا فِي الْكَمَال إِلَى حد الإعجاز إِلَّا أَنه لَا نزاع فِي كَونه كتابا شريفا عَالِيا كثير الْفَوَائِد كثير الْعُلُوم فصيحا فِي الْأَلْفَاظ
ثمَّ إِن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَشأ فِي مَكَّة وَتلك الْبَلدة كَانَت خَالِيَة عَن الْعلمَاء والأفاضل وَكَانَت خَالِيَة عَن الْكتب العلمية والمباحث الْحَقِيقِيَّة وَأَن مُحَمَّدًا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يُسَافر إِلَّا مرَّتَيْنِ فِي مُدَّة قَليلَة ثمَّ إِنَّه لم يواظب على الْقِرَاءَة والاستفادة الْبَتَّةَ وانقضى من عمره أَرْبَعُونَ سنة على هَذِه الصّفة ثمَّ إِنَّه بعد انْقِضَاء الْأَرْبَعين ظهر مثل هَذَا الْكتاب عَلَيْهِ