أما إِنْكَار الفلاسفة والمعتزلة فَظَاهر وَأما إِنْكَار الكرامية والحنابلة فلأنهم أطبقوا على أَنه تَعَالَى لَو لم يكن جسما وَفِي مَكَان لامتنعت رُؤْيَته وأهم الْمُهِمَّات تعْيين مَحل النزاع
فَنَقُول الإدراكات ثَلَاث مَرَاتِب
أَحدهَا وَهُوَ أضعفها معرفَة الشَّيْء لَا بِحَسب ذَاته بل بِوَاسِطَة آثاره كَمَا يتعرف من وجود الْبناء أَن هَهُنَا بانيا وَمن وجود النقش أَن هَهُنَا نقاشا
وَثَانِيها وَهُوَ أوسطها أَن نَعْرِف الشَّيْء بِحَسب ذَاته الْمَخْصُوصَة كَمَا إِذا عرفنَا السوَاد من حَيْثُ هُوَ سَواد وَالْبَيَاض من حَيْثُ هُوَ بَيَاض
وَثَالِثهَا وَهُوَ أكملها كَمَا إِذا أبصرنا بِالْعينِ السوَاد وَالْبَيَاض فَإِن بديهة الْعقل جازمة بِأَن هَذِه الْمرتبَة فِي الْكَشْف والجلاء أكمل من الْمرتبَة الْمُتَقَدّمَة