من كل مَا تقدم يَتَقَرَّر أَنه على الْآبَاء والمربين. أَلا يغفلوا عَن تذكير أبنائهم وتلاميذهم بمدى قدرَة الله عز وَجل عَن طَرِيق التَّأَمُّل والتفكير فقد خلق السَّمَاوَات وَالْأَرْض، وَذَلِكَ فِي سنّ الْإِدْرَاك والتمييز1.
فَيكون تركيزهم على الأَصْل الثَّانِي لمعالم التربية الإسلامية الأساسية منصباً على تَعْرِيف النشئ بقدرة الْخَالِق عزوجل متدرجين مَعَهم من المحسوس إِلَى الْمَعْقُول، وَمن الجزئي إِلَى الْكُلِّي، وَمن الْبَسِيط إِلَى الْمركب حَتَّى يصلوا مَعَهم فِي نِهَايَة الشوط إِلَى قَضِيَّة الْإِيمَان عَن اقتناع وَحجَّة وبرهان2.
الأَصْل الثَّالِث: الْعِبَادَات:
لِلْعِبَادَةِ فِي الإِسلام شَأْن كَبِير بَين الْفَرَائِض والواجبات الْأُخْرَى، لِأَنَّهَا تؤكد إِقْرَار الْمَرْء إِقْرَارا كَامِلا بِقَلْبِه وَلسَانه وجوارحه، وخضوعه خضوعاً مُطلقًا، لله الْخَالِق الْوَاحِد القهار، الْوَاحِد الْأَحَد، الْفَرد الصَّمد، الَّذِي لَهُ كل صِفَات الْكَمَال، لَا يُشبههُ أحد من خلقه، لَا يفنى وَلَا يَزُول، فَهُوَ المتفرد بذلك كُله. قَالَ تَعَالَى: {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالأِكْرَامِ} 3. ويحدد لنا الْقُرْآن الْكَرِيم غَايَة الْخلق لِلْعِبَادَةِ، قَالَ تَعَالَى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالأِنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ} 4.
وَقد كَانَت دَعْوَة أَنْبيَاء الله عزوجل من لدن نوح عَلَيْهِ السَّلَام وَآخرهمْ نَبينَا مُحَمَّد إِلَى عبَادَة الله وَحده، قَالَ تَعَالَى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} 5.