اخْتلف السّلف فِي لُقْمَان: هَل كَانَ نَبيا أَو عبدا صَالحا من غير نبوة؟ على قَوْلَيْنِ:
فَقَالَ جُمْهُور أقل التَّأْوِيل: أَنه كَانَ وليا وَلم يكن نَبيا.
وَقَالَ عِكْرِمَة وَالشعْبِيّ بنبوته.
وَالصَّوَاب أَنه كَانَ رجلا حكيما بحكمة الله تَعَالَى - وَهِي الصَّوَاب فِي المعتقدات، وَالْفِقْه فِي الدّين وَالْعقل - قَاضِيا فِي بني إِسْرَائِيل قَالَه ابْن عَبَّاس وَغَيره2.
عَن ابْن عمر رَضِي الله عَنْهُمَا قَالَ: سَمِعت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يَقُول: "لم يكن لُقْمَان نَبيا وَلَكِن كَانَ عبدا كثير التفكر حسن الْيَقِين, أحب الله تَعَالَى فَأَحبهُ فَمن الله عَلَيْهِ بالحكمة, وخيره فِي أَن يَجعله خَليفَة يحكم بِالْحَقِّ, فَقَالَ: رب إِن خيرتني قبلت الْعَافِيَة وَتركت الْبِلَاد, وَإِن عزمت عَليّ فسمعاً وَطَاعَة فَإنَّك ستعصمني" ذكره ابْن عَطِيَّة وزاداه الثَّعْلَبِيّ: فَقَالَت لَهُ الْمَلَائِكَة بِصَوْت لَا يراهم: لم يَا لُقْمَان؟ قَالَ: لِأَن الْحَاكِم بأشد الْمنَازل وأكدرها، يَغْشَاهُ الْمَظْلُوم من كل مَكَان، إِن يعن فبالحري أَن ينجو، وَإِن أَخطَأ أَخطَأ طَرِيق الْجنَّة، وَمن يكون فِي الدُّنْيَا ذليلا فَذَلِك خير من أَن يكون فِيهَا شريفا، وَمن