وَلَهُمَا مِنْ طُرُقٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ" هَذَا لَفْظُ الْبُخَارِيِّ1.
وَالْأَحَادِيثُ فِي نَفْيِ الْعَدْوَى كَثِيرَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَالسُّنَنِ وَغَيْرِهِمَا, وَلَا يُعَارِضُ ذَلِكَ حَدِيثُ "لَا يُورِدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ" , وَحَدِيثُ "وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ" وَكِلَاهُمَا فِي الصَّحِيحِ مُتَّصِلًا بِحَدِيثِ "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ" فَإِنَّ الْبُخَارِيَّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ أَخْبَرَنَا شُعَيْبٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قال: إن الرسول اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: لَا عَدْوَى. قَالَ أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: "لَا تُورِدُوا الْمُمْرِضَ عَلَى الْمُصِحِّ" 2.
وَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَالَ عَفَّانُ: حَدَّثَنَا سُلَيْمُ بْنُ حَيَّانَ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مِينَاءَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ النَّبِيُّ, صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ, وَفِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ كَمَا تَفِرُّ مِنَ الْأَسَدِ" 3.
وَالْجَمْعُ بَيْنَ نَفْيِ الْعَدْوَى وَبَيْنَ النَّهْيِ عَنْ إِيرَادِ الْمُمْرِضِ عَلَى الْمُصِحِّ وَالْأَمْرُ بِالْفِرَارِ مِنَ الْمَجْذُومِ وَمَا فِي مَعْنَاهَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ كُلُّهَا نَفْيُ الْعَدْوَى فِيهَا عَلَى إِطْلَاقِهِ.
الْوَجْهُ الْأَوَّلُ: أَنَّهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَمَرَ بِالْفِرَارِ مِنَ الْمَجْذُومِ لِئَلَّا يَتَّفِقُ لِلْمَخَالِطِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ابْتِدَاءً لَا بِالْعَدْوَى الْمَنْفِيَّةِ فَيَظُنُّ أَنَّهُ بِسَبَبِ الْمُخَالَطَةِ فَيَعْتَقِدُ ثُبُوتَ الْعَدْوَى