المرتبة الثالثة الإيمان بمشيئة الله النافذة وقدرته الشاملة
المرتبة الرابعة الإيمان بأن الله خالق كل شيء

للعبادة قدرة على أعمالهم، ولهم مشيئة، والله خالقهم وخالق قدرتهم ومشيئتهم وأعمالهم

عِلْمِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ, فَانْتَهَتِ الْأَوَائِلُ إِلَى أَوَّلِيَّتِهِ وَانْتَهَتِ الْأَوَاخِرُ إِلَى آخِرِيَّتَهُ {وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى} [النَّجْمِ: 42] .

"فَصْلٌ" وَالْمَرْتَبَةُ الثَّالِثَةُ مِنْ مَرَاتِبِ الْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ: الْإِيمَانُ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ النَّافِذَةِ وَقُدْرَتِهِ الشَّامِلَةِ وَهُمَا يَجْتَمِعَانِ فِيمَا كَانَ وَمَا سَيَكُونُ, وَيَفْتَرِقَانِ فِي مَا لَمْ يَكُنْ وَلَا هُوَ كَائِنٌ. فَمَا شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى كَوْنَهُ فَهُوَ كَائِنٌ بِقُدْرَتِهِ لَا مَحَالَةَ {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس: 82] وَمَا لَمْ يَشَأِ اللَّهُ تَعَالَى لَمْ يَكُنْ لِعَدَمِ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِيَّاهُ لَيْسَ لِعَدَمِ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} , {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً} , {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} , {أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا} , {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} , {وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} فَالسَّبَبُ فِي عَدَمِ وُجُودِ الشَّيْءِ هُوَ عَدَمُ مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إِيجَادَهُ, لَا أَنَّهُ عَجَزَ عَنْهُ, تَعَالَى اللَّهُ وَتَقَدَّسَ وَتَنَزَّهَ عَنْ ذَلِكَ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا} [فَاطِرٍ: 44] .

"فَصْلٌ" وَالْمَرْتَبَةُ الرَّابِعَةُ: مَرْتَبَةُ الْخَلْقِ وَهُوَ الْإِيمَانُ بِأَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَهُوَ خَالِقُ كُلِّ عَامِلٍ وَعَمَلِهِ, وَكُلِّ مُتَحَرِّكٍ وَحَرَكَتِهِ, وَكُلِّ سَاكِنٍ وَسُكُونِهِ, وَمَا مِنْ ذرة في السموات وَلَا فِي الْأَرْضِ إِلَّا وَاللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى خَالِقُهَا وَخَالِقُ حَرَكَتِهَا وَسُكُونِهَا, سُبْحَانَهُ لَا خَالِقَ غَيْرُهُ وَلَا رَبَّ سِوَاهُ. وَهَاتَانِ الْمَرْتَبَتَانِ قَدْ تَقَدَّمَ بَسْطُ الْكَلَامِ عَلَيْهِمَا فِي تَوْحِيدِ الْمَعْرِفَةِ وَالْإِثْبَاتِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ.

فَصْلٌ:

وَلِلْعِبَادِ قُدْرَةٌ عَلَى أَعْمَالِهِمْ وَلَهُمْ مَشِيئَةٌ, وَاللَّهُ تَعَالَى خَالِقُهُمْ وَخَالِقُ قُدْرَتِهِمْ وَمَشِيئَتِهِمْ وَأَقْوَالِهِمْ وَأَعْمَالِهِمْ, وَهُوَ تَعَالَى الَّذِي مَنَحَهُمْ إِيَّاهَا وَأَقْدَرَهُمْ عَلَيْهَا وَجَعَلَهَا قَائِمَةً بِهِمْ مُضَافَةً إِلَيْهِمْ حَقِيقَةً, وَبِحَسَبِهَا كُلِّفُوا عَلَيْهَا يُثَابُونَ وَيُعَاقَبُونَ, وَلَمْ يُكَلِّفْهُمُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَّا وُسْعَهُمْ وَلَمْ يُحَمِّلْهُمْ إِلَّا طَاقَتَهُمْ,

طور بواسطة نورين ميديا © 2015